تخطى إلى المحتوى

الإستئذان الأدب الضائع

  • بواسطة

باسم ط§ظ„ظ„ظ‡ ط§ظ„ط±ط­ظ…ط§ظ† الرحيم

آداب ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ†

الإستئذان أدب رفيع، يدل على حياء صاحبه وشهامته، وتربيته وعفته، وتزاهة نفسه وتكريمها عن رؤية ما لا يحب أن يراه ط¹ظ„ظٹظ‡ الناس، أو سمعا حديث لا يحل له أن يسترقه دون معرفة المتحادثين، أو الدخول على قوم وإيقاعهم بالمفاجأة والإحراج.

والإستئذان هو طلب الأذن، ويكون لدخول بيت، أو الانضمام الى مجلس، أو الخروج منه، أو التصرف في متاع غيره، أو ابداء رأي في مجتمعات الناس، أو سماع حديثهم.

أخرج ابن جرير عن عدي بن ثابت قال: جاءت امرأة من الأنصار فقالت يا ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ إني أكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني ط¹ظ„ظٹظ‡ط§ أحد، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وانا على تلك الحال، فكيف أصنع؟ فنزلت: يا ط£ظٹظ‡ط§ الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ولا يخفى ما في هذه الآية من معنى الإستئناس، الذي هو أبلغ من الاستئذان، إذ هو بالإضافة الى ما فيه منمعنى طلب الإذن، فيه معرفة أنس أهل البيت، واستعدادهم لاستقباله، ورضاهم عن دخوله عليهم.

وروي أن ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ بعث غلاما من الأنصار يقال له مدلج الى عمر بن ط§ظ„ط®ط·ط§ط¨ وقت الظهيرة ليدعوه فوجده نائما قد أغلق ط¹ظ„ظٹظ‡ الباب، فدق ط¹ظ„ظٹظ‡ الغلام الباب ودخل فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء، فقال عمر: وددت أن ط§ظ„ظ„ظ‡ نهى أبناءنا ونساءنا وخدمنا عن الدخول في هذه ط§ظ„ط³ط§ط¹ط§طھ إلا بإذن، ثم انطلق الى ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ صلى ط§ظ„ظ„ظ‡ ط¹ظ„ظٹظ‡ سولم فوجدهذه الآية: يا أيّهَا الذِينَ آمَنُوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانك و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر و حين تضعون ثيابكم من الظهيرة و من بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس ط¹ظ„ظٹظƒظ… و لا عليهم جناح بعدهن طوافون ط¹ظ„ظٹظƒظ… بعضكم على بعض كذلك يبين ط§ظ„ظ„ظ‡ لكم الآيات و ط§ظ„ظ„ظ‡ عليم حكيم* و إذا بلغ ط§ظ„ط£ط·ظپط§ظ„ منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين ط§ظ„ظ„ظ‡ لكم آياته و ط§ظ„ظ„ظ‡ عليم حكيم} النور

(58-59).

قد نزلت، فخرّ ساجدا ط´ظƒط±ط§ لله تعالى.

ومع تقدم الحضارة، وصناعة البيوت المغلقة، والأبواب المحكمة، فما زال هناك من يدخل بيته دون سلام، أو يغشى غرفة غيره، أو يقتحم مجلسه دون إعلام أو إستئذان.

وإذا ما تعود الغلام منذ نعومة أظافره أن يستأذن على والديه كما أمر ط§ظ„ظ„ظ‡ تعالى، نشأ على هذه العادة الحميدة، وهي ملكة في نفسه وطبع كريم، يقدره ط¹ظ„ظٹظ‡ الناس ويحبونه، ويثقون في أمانته وكرامته.

وهذه طائفة من آداب ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† ط§ظ„طھظٹ جاء بها ط¯ظٹظ†ظ†ط§ الحنيف قبل أن يعرف الناس، أصول الأعراف وفن المعاملات، وحسن التصرف واللباقة في البيوت والمجتمعات..

1 »» يجب ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† لدخول بيت الناس، والإستئناس لمعرفة أنس أهل البيت بالدخول عليهم، فيأنس الداخل الى إذنهم، ويأنسون الى إستئذانه.

قال تعالى: يا ط£ظٹظ‡ط§ الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها .

2 »» يجب قرن ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† بالسلام، بل تقديمه عليه، لأن السلام قبل الكلام.

عن كلدة بن الحنبل قال: أتيت ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ ، فدخلت ط¹ظ„ظٹظ‡ ولم أسلم، فقال : ارجع فقل السلام ط¹ظ„ظٹظƒظ… أأدخل رواه أبو داود والترمذي.

وعن ربعي بن نحراش قال: حدثنا رجل من بني عامر إستأذن على ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ وهو في بيت فقال: أألج؟ فقال ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ لخادمه: أخرج الى هذا فعلمه الإستئذان، فقل له قل: السلام ط¹ظ„ظٹظƒظ… أأدخل؟ فسمعه ط§ظ„ط±ط¬ظ„ فقال: السلام ط¹ظ„ظٹظƒظ… أأدخل؟ فأذن له ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ فدخل. رواه أبو داود.

وعن ابن عباس ما أن عمر إستأذن على ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ فقال: السلام على ط±ط³ظˆظ„ الله، السلام عليكم، أيدخل عمر. رواه ابن عبدالبر.

وعن أبي هريرة أنه سئل فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال: لا يؤذن له حتى يسلم. رواه البخاري.

3 »» ينبغي على من قرع الباب مستأذنا أن يقف بجانب الباب الذي لا ظٹط¸ظ‡ط± منه البيت عند فتحه، وظهره للباب، وعليه أن يغض بصره ما استطاع.

عن سهل بن سعد قال: اطّلع رجل في حجر من حجر ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ ومع ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ مدرى ـ آلة رفيعة من الحديد ـ يحك بها رأسه، فقال : لو أعلم أنك تنظر لطعنت بها في عينيك، إنما جعل الاستئذان من أجل النظر. متفق عليه.

وعن عبدالله بن بسر قال: كان ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ إذا أتى على باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيسر ويقول: السلام ط¹ظ„ظٹظƒظ… السلام ط¹ظ„ظٹظƒظ… رواه أبو داود وأحمد.

4 »» يشمل الأمر بالإستئذان ط§ظ„ظ†ط³ط§ط، كما يشمل الرجال، لأنه شرع لئلا يطلع أحد على أحد على ما يطو الناس في بيوتهم مما لا يحبون أن يطلع ط¹ظ„ظٹظ‡ أحد، إلى جانب عدم النظر الى ما لا يحل له أن ينظر إليه.

عن أم أياس قالت: كنت في ط£ط±ط¨ط¹ نسوة نستأذن على عائشة رضي ط§ظ„ظ„ظ‡ عنها فقلت: ندخل؟ فقالت: لا فقالت واحدة: لا فقالت واحدة: السلام ط¹ظ„ظٹظƒظ… أندخل؟ قالت: أدخلوا، ثم قالت: يا ط£ظٹظ‡ط§ الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها.

5 »» يكون ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† ثلاثا، فينتظر بعد طرق الباب بمقدار صلاة ركعتين، ثم يطرقه ثانية وينتظر المدة نفسها، ثم يطرق الثالثة فإن لم يجب إنصرف ولو كان متأكدا من وجود أهل البيت فيه. لما روي عن ابي هريرة أنه قال: ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† ثلاث بالأولى يستنصتون، وبالثانية يستصلحون، وبالثالثة يأذنون أو يردون، وينبغي أن لا يحزن أو يغضب إن لم يؤذن له.

قال تعالى: وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا، هو أزكى لكم، والله بما تعملون عليم. النور 28.

وعن أبي موسى قال: قال ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ : ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع متفق عليه.

6 »» ينبغي عند إستعلام صاحب البيت عن المستأذن أن يذكر اسمه، ويكره أن يقول ( أنا) لعدم كفايتها في معرفة قائلها.

عن جابر قال: أتيت ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ ، فدققت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أنا، فقال: أنا أنا؟ كأنه يكرهها. متفق عليه.

وعن أبي ذر قال: خرجت ليلة من الليالي، فإذا ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ يمشي وحده، فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني فقال: من هذا؟ فقلت: أبو ذر. متفق عليه.

وعن أنس في حديثه المشهور في الإسراء قال: قال ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ : ثم صعد بي جبريل الى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد، ثم صعد الى السماء الثانية والثالثة والرابعة وسائرهن، ويقال في باب كل سماء: من هذا؟ فيقول: جبريل. متفق عليه.

7 »» ظٹط·ظ„ط¨ ط§ظ„ط¥ط³طھط¦ط°ط§ظ† بين الأهل في الدار الواحدة، عند إرادة الدخول على غرفة أحدهم، حتى مع أقرب الأقربين إليه، كأمه وأبيه..

عن زيد بن أسامة عن عطاء أن رجلا سأل ط§ظ„ظ†ط¨ظٹ أأستأذن على أمي؟ قال: نعم، قال: إنها ليس لها خادم غيري فأستأذن ط¹ظ„ظٹظ‡ط§ كلما دخلت؟ قال:" أتحب أن تراها عريانة"؟ قال: لا، قال:" فاستأذن عليها". رواه مالك في الموطأ.

8 »» تعليم ط§ظ„ط£ط·ظپط§ظ„ الذين لم يبلغوا سن التكليف أن يستأنسوا في أوقات ثلاثة: وقت الفجر، وهو وقت ط§ظ„ظ†ظˆظ… أو التهيؤ لصلاة الفجر، ووقت الظهيرة، وهو وقت القيلولة والراحة والتخفف من الثياب، ووقت العشاء، وهو وقت الخلود الى النوم، وكلها أوقات ظپظٹظ‡ط§ مظنة التكشف، ومحبة الخلوة، وهذا التعليم من باب التأديب والتعويد، حتى إذا بلغوا سن ط§ظ„ظ…ط±ط§ظ‡ظ‚ط© والرشد إستأنسوا في ط¬ظ…ظٹط¹ الأوقات.

عن أسماء بنت أبي مرثد أنها دخل ط¹ظ„ظٹظ‡ط§ غلام لها في وقت كرهت دخوله فأتت ط±ط³ظˆظ„ ط§ظ„ظ„ظ‡ فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حال نكرهها فأنزل ط§ظ„ظ„ظ‡ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) النور.
9 »» ينبغي للمرأة أن تتعفف في ثيابها، وتلتزم الحشمة والكمال والأدب في مظهرها في منزلها، أمام أولادها وإخوتها ومحارمها لأن ط§ظ„ظ„ظ‡ ستير يحب الستر والعفة والحياء.

قال تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) النور.
وقال تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا النور 31.

* * *


hgYsjz`hk >>>>hgH]f hgqhzu Hdih Hvfu hgHoj hglvhirm hggi hgH’thg hgjd hgo’hf hgv[g hgvplhk hgshuhj hgkfd hgkshx hgk,l [ldu ]dkkh d/iv d’gf vs,g a;vh ugn ugdi ugdih ugd;l tdih ;lh

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك عزيزتي على الموضوع المهم جدا جدا

باسم الله الرحمان الرحيم

سررت بمرورك الطيب حبيبتي نقية الروح على الموضوع


باسم الله الرحمان الرحيم

الاستئذان … الأدب الضائع

الشروق

من أعظم النعم التي أنعم الله بها على بني الإنسان نعمة السكن، تلك الأماكن التي خصَّ الله بها الإنسان فستره عن الأبصار، وملَّكه الاستمتاع بها، وحجر على الخلق أن يطلعوا على ما فيها من الخارج، أو يدخلوها بغير إذن أصحابها؛ لئلا يهتكوا أستارهم، ويتعرفوا أخبارهم، ولأجل أنها نعمة عظيمة فقد امتن الله بها على بني آدم: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا تستخفِّونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين} [النحل:80].

وإنما سُمي البيت مسكنًا لأنه محل الارتياح والسكينة والاطمئنان والاستقرار والأمان؛ فالبيت هو آخر ملاذ لصاحبه، فإذا فقد السكينة فيه فأين يذهب؟

ومن تأمل أحكام الإسلام السامية وآدابه الراقية في باب احترام خصوصية الناس، ومراعاة حرمة البيوت فسيدرك أننا متخلفون عن الإسلام، كما سيدرك شدة غربة الإسلام بين الخاصة فضلاً عن العامة.

ونحن بحاجة شديدة للتعرف على آداب الاستئذان والعمل بها رفعًا للحرج عن أنفسنا وعن الناس، لاسيما في هذه الأزمنة التي قلَّ فيها العلم وقلَّد الناس – أو كثير منهم – الكفار في عاداتهم ونظم حياتهم.

وإذا كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد شكا في زمانه أن أكثر الناس لا يعملون بآية الاستئذان، وإذا كان سعيد بن جبير رضي الله عنه قد قال: "إن ناسًا يقولون: نُسخت هذه الآية (آية الاستئذان)، لا والله ما نُسخت، ولكنها مما تهاون بها الناس"، فماذا نقول نحن في زماننا هذا؟!!.

معنى الاستئذان:

الاستئذان في اللغة هو طلب الإذن، والإذن من أَذِنَ بالشيء إِذْنًا؛ بمعنى أباحه، وعليه فإن الاستئذان هو: طلب الإباحة.

أما في الشرع فيعني: طلب الإذن في الدخول لمحل لا يملكه المستأذن.

حكم الاستئذان:

والاستئذان واجب على الناس إذا بلغوا الحلم، إن أرادوا دخول بيوت بعضهم، ولا يجوز للإنسان أن يدخل بيت غيره بدون إذنه لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتًا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خيرٌ لكم لعلكم تذكرون} [النور:27].

وذكر المالكية أن الاستئذان واجب وجوب الفرائض، فمن ترك الاستئذان فهو عاصٍ لله ورسوله.

صفة الاستئذان:

الأصل في الاستئذان أن يكون باللفظ، وصيغته المثلى أن يقول المستأذن: السلام عليكم، أأدخل؟

فعن ربعي بن خراس قال: حدثنا رجل من بني عامر قال: إنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال: أَلِجُ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخادمه: "اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟ فسمع الرجل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذِنَ له فدخل.

فإن أذن صاحب الدار دخل وإن أُمر بالرجوع انصرف؟ لقوله تعالى: (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم} [النور:28].

الاستئذان ثلاثاً لا يزيد عليها

وإن سُكِتَ عنه استأذن ثلاثًا ثم ينصرف بعد الثالثة. روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار، إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثًا فلم يؤذن لي؛ فرجعت، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذن أحدكم ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع". فقال: والله لتقيمنَّ عليه بينة، أمنكم أحدٌ سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أُبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم، فكنت أصغر القوم، فقمت معه، فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك.

ولا يزيد على الثالثة، سمعه أهل البيت أم لم يسمعوه. وإن سأله صاحب الدار من؟ أجاب باسمه الذي يعرفه صاحب الدار ولا يقول: أنا، لكراهة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الإجابة.

هل يقوم قرع الباب ونحوه مقام اللفظ؟

ثبت في الأحاديث أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم فدق عليه الباب ولم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على المشروعية. وقد ذكر العلماء أنه لا بأس بالاستئذان عن طريق ما تعارف عليه أكثر الناس اليوم من دق الأبواب وفي معناه دق الأجراس، مع تحري صاحب الدار ألا يكون في صوت الجرس موسيقى وألا يشبه جرس الكنيسة لنهي الشريعة عن مشابهة الكفار، واستحبوا أن يكون الدق خفيفًا بغير عنف.

أين يقف المستأذن؟

ينبغي على المستأذن أن يقف على صفة لا يطلع معها على داخل البيت في إقباله وإدباره.

عن هزيل بن شرحبيل قال: جاء رجل فوقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن مستقبل الباب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هكذا عنك؟ فإنما الاستئذان من أجل النظر" [رواه أبو داود وصححه الألباني].

تحريم النظر في البيوت بغير إذن أهلها:

إن البيت كالحرم الآمن لأهله، لا يستبيحه أحد إلا بعلم أهله وإذنهم في الوقت الذي يريدون، وعلى الحالة التي يحبون أن يلقاهم عليها الناس، ولا يحل لأحد أن يتطفل على الحياة الخاصة للآخرين سواء بالتنصت أو التجسس، أو اقتحام الدور ولو بالنظر من قريب أو بعيد.

فعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيت حتى يستأذن" [صحيح الأدب المفرد].

وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: اطلع رجل من حجرة في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ومع النبي صلى الله عليه وسلم مدري يحك به رأسه، فقال: "لو علمت أنك تنظر لطعنت به في عينك، إنما جعل الاستئذان من أجل البصر" [رواه البخاري ومسلم وغيرهما].

واستأذن رجل على حذيفة فاطلع في داره وقال: أدخل؟ فقال حذيفة: أما عينك فقد دخلت وأما إسْتُك فلم تدخل.

الاستئذان على المحارم:

بيَّن المحققون من العلماء أن الرجل يلزمه أن يستأذن على أمه وأخته وبنيه وبناته البالغين، وكذا عمته وخالته إن كانت تعيش معه في بيت واحد.

أطفالنا وأدب الاستئذان:

ذهب الجمهور إلى وجوب أمر الصغير المميز بالاستئذان قبل الدخول في الأوقات الثلاثة التي هي مظنة كشف العورات، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم و لا عليهم جناح بعدهنَّ طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم} [النور:58].

وقد كان أنس بن مالك دون البلوغ يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الصحابة مع أبنائهم وغلمانهم. أما إذا بلغ الأطفال الحلم فعليهم حينئذ الاستئذان كلما أرادوا الدخول.

تنبيه مهم:

إن هذا التأديب الإسلامي الرفيع أمر يغفله الكثيرون في حياتهم المنزلية، مستهينين بما ينشأ عن التفريط فيه من صدمات نفسية، وانحرافات سلوكية، ظانين أن الصغار قبل البلوغ لا يتنبهون لهذه الأمور، في حين يقرر علماء التربية وعلماء النفس أن وقوع عين الطفل على شيء من هذه العورات، أو اطلاعه على هاتيك الأحوال، قد يترتب عليه معاناة نفسية، واضطراب سلوكي لا تُحمدُ عقباه.

وهذا يلفتنا إلى ضرورة حفظ تلك الأعين البريئة من كل ما يُلوِّث فطرتها النقية، ويجني على صحتها النفسية، ويهدد استقامتها الخُلُقية، سواء في ذلك داخل البيت أو خارجه، وسواء في ذلك أوقات العورات الثلاث أو غيرها؛ فالتفلت والتسيب الذي قد تتسم به بعض البيوت؛ حيث يحصل تساهل قبيح، بل إفراط مشين، في كشف الأبدان، والأحوال التي سماها القرآن الكريم "عورات" أمام الصغار، بحجة أنهم "لا يفهمون" كل ذلك مما يناقض الحِكَمَ التشريعية السامية، التي ترمي إلى حماية هؤلاء الأطفال من التنبيه المبكر للغرائز وتعكير صفو الفطرة، وانحراف السلوك، وكم من حادثة مشينة كانت وليدة التقليد والمحاكاة، نتيجة الانحراف عن هذا الأدب الإسلامي السامي.

وفقنا الله وجميع المسلمين للتأدب بآداب الإسلام وتعاليمه السامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.