السلام عليكم
خطر هذا السؤال في بالي بسبب طبيعة مرض الاكتئاب والتي تتظاهر بيأس من الحياة وتمني الموت أو حتى الرغبة بالانتحار
فقلت في نفسي ربما ذلك ينم عن ضعف بالإيمان أو ربما رفض للقدر أو ماشابه
هذا الجواب المناسب ياعزيزي وهو ليس من عندي ولكن من عند دكتور أنس بن عوف،
"نعم.. ظٹطµط§ط¨ ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† بالاكتئاب..!"
د.أنس ابن عوف
طبيب نفسي وباحث شرعي وإمام مسجد ذو النورين بأركويت
2024-11-21
كثير من الناس بما في ذلك بعض الفضلاء، يظنون أن مرض الاكتئاب النفسي لا يصيب المؤمنين، وإذا أصيب أحد الناس بهذا المرض فذلك لضعف إيمانه وبعده عن الله، وهذا الظن خاطئ، وهو يهدم – ربما بحسن نية- جهودا ضخمة يبذلها المخلصون من المنتمين إلى مجال الصحة النفسية من أجل التوعية وتوضيح بعض المفاهيم المبسطة والمهمة جدا في نفس الوقت.. وكان لكاتب هذه السطور نصيب متواضع من هذه الجهود هو سبع سنين من المحاولات المستمرة لتوضيح أن الاكتئاب مرض.. مرض.. مرض.. مثله مثل الملاريا والسكري والجلوكوما وتضخم البروستاتا…الخ.. وليس هو تلك المشاعر العارضة من الحزن والتعاسة العابرة بسبب مصيبة تنزل.. هذه تفاعلات النفس البشرية التي تمر على الناس جميعا فيتفاوتون فيها.. وليس الاكتئاب (المرض) هو فقط صورة مضاعفة من الحزن، بل هو اختلال وظيفي في كيمياء المخ.. تماماً كما يحدث في السكري من اختلال وظيفي في كيمياء البنكرياس.. الفرق الوحيد أن هذا بنكرياس وذاك مخ ولهذا نتج عن كلٍ منهما أعراض مختلفة..
وبناءاً على ذلك: فإن من الخطأ الشنيع أن نتصور أن الإصابة بمرض الاكتئاب تدل على نقص الدين أو ضعف الإيمان.
مرض الاكتئاب بالفهم الذي وضحته يمكن أن يصيب الناس جميعا بلا استثناء ط§ظ„ظ…ط¤ظ…ظ† والكافر، الطائع والعاصي.. لماذا؟.. لأنه كالسكري سواءاً بسواء.. هل يرضى أحد لو قلنا إن الإصابة بالسكري تدل على ضعف الإيمان.. أو أن الملاريا سببها قلة الدين.. أو إن هناك ارتباطا بين الجلوكوما والبعد عن الله..الخ..
الشواهد على ما قلت كثيرة.. بخلاف طبيعة المرض التي أصبحت واضحة للمختصين.. فإن أعداد المرضى التي لا تنتهي تشهد.. الإحصائيات في الدول الإسلامية تشهد.. بل كتب التاريخ والتراجم تشهد بذكر أعداد كبيرة من مشاهير المسلمين بل منهم العلماء والعباد أصيبوا بأنواع من المرض النفسي.. لم تكن هناك معايير دقيقة للتشخيص ولا كان هناك أطباء نفسيون ولكن المؤرخين لاحظوا بذكاء تلك التغيرات التي طرأت عليهم فوصفوها كرأي العين.. وأرجو إن وفقني الله أن أجمع بعض أخبار هؤلاء فأقدمهم للناس في بحث مستقل.. لا تشهيرا بهم فقد سُبقت إلى كشف حالهم وإنما ليعلم المرضى النفسيون من المسلمين أن لهم في ذلك سلفا…
لماذا أهتم بشدة بتصحيح هذا المفهوم؟ وماهو وجه الشناعة في أن يقال إن المرض النفسي أو الاكتئاب قرين ضعف الإيمان وأن من قوي إيمانه لا يصيبه الاكتئاب..؟
لأن ذلك يؤدي – من جملة ما يؤدي إليه – إلى مضاعفة العبء على مريض الاكتئاب فتصبح معاناته من المرض سهما ومعاناته من ظنه أن هذا ضعف إيمان سهما آخر…
ولو كان سهما واحدا لاتقيته .. ولكنه سهم وثان وثالث
يؤدي هذا الفهم الخاطئ إلى أن يتجه مريض الاكتئاب أول ما يتجه إلى من يتوسم فيه العلم والدين يستنصحه، فيرشده إلى كل شيء إلا إلى طلب المساعدة الطبية.. فيستفحل الداء ويعظم الخطب.. ويحاول المريض إخفاء معاناته وكتمها حتى لا يشار إليه بضعف الإيمان وقلة الدين.. ويمل من سماع النصائح الساذجة (ووجه السذاجة وضع الشيء في غير موضعه) ويستمر الحال ويتفاقم المرض حتى يستيقظ الأهل ذات صباح ليجدوا ابنهم متدليا من أنشوطة من سقف البيت.. فلا يكادون يصدقون أن ابنهم – المسلم المصلي- مات منتحرا….!!
وللذين لا يتصورون حجم القضية أقول إن أعداد المنتحرين في السودان (مثلا) أكبر مما تتخيلون.. وأعداد من يحاولون الانتحار ويفشلون أضعاف أضعاف ذلك..
وقد رأينا منهم طلاب الجامعات وخريجيها.. والأزواج والزوجات.. والأبناء والأمهات.. والمتعلمين والأميين.. وسكان البوادي والمدن.. والصغار والكبار.. بل إن منهم من ينسبون إلى الصلاح والتدين والدعوة!!
كل ذلك كان ممكنا تفاديه – بإذن الله- لو علم هؤلاء ومن حولهم أن هذا مرض وأنه قابل للعلاج بما هدى الله إليه عباده من أدوية حسية نافعة هي تلك العقاقير الطبية التي يسيء الظن بها كثير من الناس بما في ذلك بعض الفضلاء، حين يصفونها بأنها "تستخلص من المخدرات، ومغتالات العقول"..ومثل هذا الظن يجعل الدواء داء.. والشفاء مرضا.. ويصور العلاجات الطبية النفسية كأنها شأن أمم أخرى غير الأمة المسلمة.. التي ما دامت تقرأ الأذكار (ولا أقلل من شأنها) فهي ليست بحاجة إلى العقاقير الطبية ولا الأبحاث العلمية والدراسات التجريبية ولا المعامل ولا الطب ولا الصيدلة..!! ليس هذا هو ما جاء به الإسلام قطعا..
هذا الفهم للأسف يصور الطب النفسي كنقيض لذكر الله ومعاني الإيمان..
يصور -ولو لم يقصد قائله- الطبيب النفسي كنقيض للعالم الشرعي والداعية والمصلح.. يقسم الناس إلى معسكرين: معسكر فيه الإيمان والقرآن والذكر والعلماء والأنبياء، ومعسكر فيه الطب النفسي والعقاقير التي تستخلص من المخدرات ومغتالات العقول، ويدع الناس أمام خيار صعب.. أو سهل.. كلاهما صحيح..!!
ختاماً أقول: لا تظلموا إخوانكم المبتلَين ط¨ط§ظ„ط§ظƒطھط¦ط§ط¨ ولا تجنوا عليهم، بل أعينوهم على التداوي بكل ما هو مباح، وليعلم كل منا أن البلاء إن تخطاه إلى غيره فربما تخطى غيره إليه، فليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه..
نسأل الله العافية."
الرابط:
https://www.meshkat.net/index.php/mes…/9600/contentâ€ڈ
تقبلوا أطيب التحيات
mankool
ig dwhf hglclk fhgh;jzhf hggcgc pshf