متسلطة تثير المشاكل أم مجرد

البعض يعتبرها الحماة الحقيقية

في نظر العديد من الزوجات تعتبر اخت الزوج الحماة الحقيقية في حياتهن، فهي اما اكبر سنا منه، فتكون متسلطة ومسيطرة، او اصغر منه فتكون مدللة بشكل يستفز غيرة الزوجة. في ريف مصر، مثلا، تكن العائلات العريقة الكثير من التقدير والاكبار لشقيقة الزوج حتى ان الزوجة تناديها بـ«العمة» مثل ابنائها الصغار. فهي عمة للجميع حتى وان كانت صغيرة السن، وتحظى بنفس الميزة التي تحظى بها الام، مما جعل احدى الزوجات تصفها بـ «السيدة الاولى» خصوصا إذا كانت الأخت الكبرى. قالت هديل يوسف، محاولة اخفاء مشاعر الغضب بداخلها: «رغم ان حماتي موجودة وبصحة جيدة الا انها طيبة جدا واشعر انها مثل امي تماما. فهي لا تتدخل في شؤوننا باي شكل الا ان شقيقة زوجي تتعمد اثارة المشكلات معي بشكل مباشر وغير مباشر، خصوصا وأنها تستغل نظرة زوجي لها على أنها نموذج للزوجة الحكيمة. فمرة نصحته بالا يشتري للبيت أي اثاث جديد حتي يكبر الاولاد، ومرة اخرى بألا يشتري ملابس كثيرة للاطفال لأنها ستعلمهم الدلع، ودائما تؤكد ان هذه المبادئ سر نجاحها في الحياة. المشكلة ان زوجي يراها دائما على حق ويطبق نصائحها بكل دقة حتى وان تعارضت مع رغباتي وارائي».
وتقول سهام. ع. ان زوجها يتمتع بشخصية قوية الا انه دائما يضعف امام سطوة شقيقته رغم انها «توأمه» فهي لا تكبره في السن وتتابع: «رغم اننا متحابان ومتفاهمان الا اننا وبعد مرور اكثر من عشر سنوات على زواجنا مازلنا ندور في فلك شقيقته. فهي تعرف عنه اكثر مما اعرف، ويكفي انه يحتفظ عندها بكل الاوراق والمستندات الخاصة بنا ويدخر عندها كل امواله، وبمجرد ان يصل إلى البيت من العمل، يتصل بها او تتصل به، وإذا صادف ان جلست بجانبه يتهمني بانني اتلصص عليه وانني اكره شقيقته، والحقيقة انني اكره المبالغة في علاقتهما، واشعر انها مسيطرة عليه تماما. الأسوأ من ذلك انها لا تخصه بهذه المعاملة فهي تمارس نفس الضغوط على اشقائها الآخرين وتحمل كل اسرارهم بدل زوجاتهم». ولا تختلف تجربة لبنى.م عن سابقتيها. تقول: «حاربتني اخت زوجي بكل السبل حتى تفرض ارادتها على بيتي. كما ان زوجي يستشيرها في كل كبيرة وصغيرة قبل ان يتخذ أي قرار. أنا أدرك ان هذا ليس عيبا، فالمشورة مطلوبة، لكنني اشعر انها تتحداني وتنصحه بما لا يرضيني وينغص علي حياتي. اكبر مثال على ذلك رفضها ان يسجل زوجي قطعة ارض اشتراها باسمي هدية لي بمناسبة انجاب مولودنا الاول علما بان زوجها سجل كل ممتلكاته باسمها». تجربة ف. عيد مختلفة بعض الشيء، فهي تؤكد أنها تحب شقيقة زوجها وتعتبرها اختا لها، خاصة وانهما متقاربتان في السن لكن المشكلة كما تقول هي «زوجي الذي يصر ان اتعامل معها بحساسية شديدة، فلا ينبغي، مثلا، ان اناديها باسمها لان الاصول تقتضي ان اناديها بـ «عمتي فلانة» واذا صادف وركبنا سيارته سويا يومئ لي بنظرة حازمة بأن اترك لها مقعدي واجلس في المقعد الخلفي، واذا ما دعتنا للغذاء عندها يشدد علي ان اقوم بالخدمة بنفسي في بيتها، واذا حدث وتبادلنا احاديث ضاحكة علي ان اتوخى الحذر والا اتجاوز حدودي التي يضعها هو من نفسه رغم انها شخصية لطيفة جدا ولا تعترف بكل البروتوكولات التي يفرضها».

أما هدى.م. فقالت بكل صراحة: «نعم اغار منها، فهي تثير غيرتي بسبب تدليل زوجي لها. فكل طلباتها أوامر ويجب ان يلبيها قبل طلباتي أو طلبات الأولاد. في مناسبة خطبتها انفق كل ما ادخرناه على ثيابها وماكياجها. ورغم علمها بظروفنا المادية الصعبة الا انها لا تتردد في طلب المزيد من زوجي لانه شقيقها الاكبر. أما هو فيرد على احتجاجي دائما بالقول أنها مثل ابنته». حول هذا الموضوع اشار الدكتور يوسف كمال الدين، أستاذ علم الاجتماع، إلى أهمية النظر إلى مثل هذه العلاقات العائلية بشيء من الدقة، وقال انه يجب على كل زوجة أن تعرف إنها أصبحت فردا من عائلة زوجها، وعليه ينبغي أن تبني أواصر الحب والتفاهم معهم. فأمه أمها، وأخته أختها وعمة أبنائها، وفي الحالات العادية تكون أخت الزوج الأكثر قربا إلى الزوجة لاعتبارات كثيرة أهمها تقارب الأعمار مع احتفاظ كل فرد بكرامته وكبريائه. والدخول في علاقات طيبة يكون بالتراضي، وعن وعي بأهمية هذه العلاقة حتى وإذا كانت أخت الزوج من النوع المتسلط. فهنا يكمن ذكاء الزوجة الاجتماعي، التي يجب ان تتقرب منها وتبدي لها مشاعر الود، لأنه من الصعب أن تقابل هذه الاخيرة الإحسان بالإساءة لأنها في النهاية تريد السعادة لأخيها. من ناحية أخرى ينبغي أن تعلم شقيقة الزوج أن تراكم الخلافات مع زوجة شقيقها سيعود بالشقاق على أخيها، لأن الزوجة تزرع في نفوس أبنائها مشاعر الكره تجاه العمة لقلة حيلتها مع الزوج، وهذا أمر في منتهى الخطورة خاصة إننا في مجتمعاتنا الشرقية نقدس العلاقات العائلية لأنها في النهاية نواة الترابط في المجتمع كله».

وتشير الدكتورة سلمي فهمي، أستاذ الصحة النفسية، إلى أهمية فهم الزوجة لطبيعة شقيقة زوجها وما إذا كانت تتصرف بتلقائية وعفوية فتستطيع أن تتقرب منها وتفهم ما يغضبها، أو أن تكون أساسا شخصية معقدة ومتسلطة، تمارس ضغوطها بهدف إفساد العلاقة على الزوج والزوجة. هنا ينبغي أن تلاحظ الزوجة علاقة الأخت بزوجها، إذ من الممكن أن تكون في حالة شقاق معه، بالتالي تغار من حب أخيها لزوجته لأنها ببساطة محرومة من هذا الحب. وينطبق ذلك علي الأخت الصغرى التي تجد فعلا في أخيها الأب فتتدلل وتبالغ في مشاعرها تجاهه. على الزوجة أن تعي كل هذه الأمور وتتفهم طبيعة العلاقة وتحتويها للحفاظ على زوجها وبيتها وتنبهه بهدوء إلى ما يثير حفيظتها، على ان تضع نصب عينها دائما أهمية ترابط العلاقة مع أهل زوجها لانهم في النهاية أهلها وأهل أبنائها. والاهم من ذلك أن يراعي الزوج حساسية تلك العلاقة ويهتم بمشاعر زوجته ويحافظ عليها حتى لا يثير غيرتها، وعليه أن يعلم أن الزوجة تكره أن يمتدح أي امرأة غيرها حتى وإن كانت أخته.

القاهرة: نادية حسين