[frame="1 90"]
رحل عنا الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور فتحي يكن بعد أن قدم الكثير للدعوة الإسلامية وبذل الغالي والنفيس من أجلها، "تاركا بصمات دعوية عملية ونظرية على العديد من الأجيال التي لاحت نورها في الأفاق، وإذا كان الداعية فتحي يكن قد ترك بصماته في عالم الفكر الإسلامي والمعرفة فلم يغب عن فكره قضايا ط§ظ„ط£ط³ط±ط© والمرأة، بل كانت محور اهتماماته التي كان دائما يوصي بها كل الدعاة.
فكان يرى أن النجاح الحقيقي للداعية يبدأ من الأسرة، أو كما كان يسميه الداخل، ثم بعد ذلك الخارج، ولا عبرة لرجل ناجح في علاقاته الدعوية خارج ط§ظ„ط£ط³ط±ط© ولم يحقق هذا النجاح مع بيته، وكان الدكتور يكن قدوة وأسوة لهذه الأفكار التي تجسدت في حياته الأسرية مع زوجته وبناته.
جمال الفكر
نراه يصرح لقناة الجزيرة القطرية في برنامج زيارة خاصة أنه اختار زوجته لجمالها الفكري الخلاق وإرادتها الخلاقة التي جعلتها جميلة وناجحة في كل شيء، ويرى أن هاتين الخصلتين هما قمة الجمال في المرأة، مستغربا لأفكار البعض الذين ينادون بأن المرأة مخلوقة للبيت فقط أو حبيسة بيتها وحبيسة مطبخها أو مخدعها، ويؤكد أن ما فهمه عن الإسلام غير ذلك تماما، نظريا وعمليا، متخذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة وقدوة في ذلك، ومسترشدا بأمر السيدة عائشة التي كانت فقيهة، ليس للنساء فقط، ولكن فقيهة حتى للرجال، وخاصة في القضايا التي كانت تتعلق بالمرأة لدرجة أن الرجال كانوا يسألونها في كثير من القضايا الفقهية، ليس ذلك فحسب، بل كان هناك من النساء من خضن العمليات الجهادية والغزوات والمعارك إلى جنب الرجال، وكذلك كان هناك صحابيات قمن بمشاريع اجتماعية وبنين المساجد.
والتاريخ يشهد -كما قال يكن- أن المرأة المسلمة كانت بجوار الرجل جنبا إلى جنب في بناء الحضارة الإسلامية، سواء ضمن إطار الدولة الإسلامية أو خارج إطار الدولة الإسلامية، متسائلا لمصلحة من تهمش المرأة المسلمة في الوقت الذي لم تهمش فيه المرأة عند الآخر رغم أنه في الهدم وعدم البناء، كما يرى يكن، ولكن دورها في الإسلام هو دور حضاري وأخلاقي تربوي وعلمي وغيرها من الأدوار التي تساهم فعليا في صناعة الحضارات.
وفي سؤال له عن إجبار بناته على لبس الحجاب أكد يكن أنه لم يجبر بناته إطلاقا على ارتداء الحجاب، بل أقنعهن بهذه الفريضة وترك لهن الاختيار رغم أنهن ارتدين الحجاب قبل مرحلة البلوغ، وأنه حذرهن أنهن سيواجهن ضغوطا اجتماعية ونفسية في المجتمع، وكان هذا الحجاب بمحض إرادتهن تماما، وأكد أنه من الخطأ إجبار الأبناء على شيء، وأن أفضل وسيلة هي الإقناع والحوار للوصول للعقل والقلب.
منهج حياة
وفي حديثه مع معهد خديجة ببيروت الذي دعاه أوصى الدكتور يكن الشباب والفتيات المقبلين على الزواج، خاصة الذين يعملون في حقل الدعوة، أن يظلوا على نفس القدر من العطاء في العمل الدءوب من أجل الإصلاح والدعوة، وحذر من أنه في حالة تراجع أحد الزوجين بعد الزواج عن سعيه للإصلاح والدعوة أن هذا سيكون بمثابة تراجع دعوي في ط§ظ„ط£ط³ط±ط© كلها، وقد يوقف دورها الدعوي كلية، مؤكدا ضرورة أن يضع الزوجان بعد الزواج مباشرة منهجا واضحا لحياتهما الجديدة، ويفردا للأسرة نصيبا من الجهد والوقت للنهوض بأعباء الدعوة عائليا والنهوض بأولادها بما يضمن سلوكهم على التربية الإسلامية لتلتحق العائلة برمتها في ركب الدعوة من اليوم الأول.
وكان رحمه الله يرى أن من أخطر ما يواجه أسرنا الإسلامية ألا يعطي الأبوان، خاصة رب العائلة، حق ط§ظ„ط£ط³ط±ط© والزوجة والأولاد، والعناية والمشاركة والمعايشة بحجة العمل الدعوي الخارجي أو المشاغل العملية الخارجية، متغافلين الدور الأهم والرئيسي الذي ينبغي أن يقوم به، وهو رعاية الأقربين، والأقربون أولى بالمعروف، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ).
ويرى أن المعادلة الصحيحة أن يسارع رب ط§ظ„ط£ط³ط±ط© إلى إعطاء ط§ظ„ط£ط³ط±ط© حقها أولا، وبعدها حق الآخرين انسجاما مع المعادلة القرآنية في قوله تعالي (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)، أما المعادلة التي تدفع الرجل والمرأة والأخ والأخت، خاصة الدعاة منهم، إلى أن يكونوا أئمة في الخارج على حساب الداخل فهذا مرفوض شرعا وعقلا، ويؤكد أنه لا قيمة للنجاح الأسري الخارجي إذا فشل في أسرته الداخلية.
وكان من آخر وصاياه للأسرة المسلمة دعوته لهم بعدم تعطيل النشاط الروحي والعبادي بين الزوجين؛ لأن معظم المشكلات التي تعصف بالحياة الزوجية والتي قد تنتهي بمأساة الانفصال أو فساد الأجواء وسوء العلائق بين أفراد ط§ظ„ط£ط³ط±ط© هو من جراء هذا التعطيل الروحي، مؤكدا ضرورة إشباع الحاجات الروحية والعبادية قبل إشباع الحاجات البدنية؛ ليتحقق بذلك السكن النفسي الذي هو مبرر الحياة الزوجية (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً).
رحم الله الداعية والمفكر الإسلامي الدكتور فتحي يكن، فقد كان نبراسا وقدوة في علمه وعمله.
منقول من مصدره
[/frame]
hgHsvm H,gh >>>(2)