الأبوة كما الأمومة … عاطفة غريزية من الأب تجاه الأبناء، يتفاعل معها بشكل يقارب عاطفة الأم، أو هكذا يُفترض أن تكون.. وكما أن الأمومة تحكمها الغريزة والأعراف والتقاليد، إضافة لموروث ديني يُعزز تلك الغريزة، ما يجعل المرأة- الأم بشكل شبه مطلق وعفوي أسيرة هذه الأمومة منذ الصرخة الأولى للطفل الأول…
كذلك ط§ظ„ط£ط¨ظˆط© تحكمها الأعراف والتقاليد والموروث الديني، لكنها جميعها عوامل تحكم لصالح الرجل وتساعده في أن يكون شبه حر من التزاماته التربوية والاجتماعية- باستثناء المادية- فهو بالتالي غير مقيد بأبوته كما قُيّدَتْ المرأة بأمومتها..
ففي الحالة الطبيعية، وفي ظل الحياة الأسرية الطبيعية وتواجد الأبوين معاً، ينعتق الأب من كل مسؤولية (تربوية- اجتماعية- تعليمية) ويُلقي بظلال تلك المهام جميعاً على عاتق الأم، يسانده بذلك المجتمع، بحكم أنه يكدُّ ويتعب من أجل تأمين لقمة العيش لهذه الأسرة، بينما الأم في الأسر التقليدية، هي ربّة منزل، وعليها بالتالي تحمُّل كامل المهام بلا استثناءات تذكر. ألا يقولون دوماً وباستخفاف: ماذا تفعل طوال اليوم..؟؟!!!!( تنظيف، إطعام، تعليم، تمريض، و……الخ)
ويأتي الأب في نهاية اليوم ضيفاً على البيت، لا يكلف نفسه عناء السؤال عمّا يجري داخل المنزل بين الأم والأولاد… لا بل قد يرمي باللائمة على الأم إن مرض أحدهم، أو قصّر بدروسه، أو قام بتصرف غير لائق في البيت أو المدرسة أو الحي…
وأما لجهة الأبناء فإنه لا يكلف نفسه عناء محادثتهم وتوجيههم، ومتابعة أمورهم العامة والخاصة، أليس الملك المتوّج على عرشه في مملكته السعيدة تلك..؟؟؟
قد يكون علينا ألاّ نغفل ما خلّفه الوضع الاقتصادي المتردي في المجتمع من غياب طويل للأب عن البيت، فهو يقوم بأكثر من عمل ووظيفة ليغطي نفقات البيت والأولاد في ظل التحليق الدائم للأسعار، رغم عمل الأم في كثير من البيئات والأسر، لكن هذا لا يلغي أهمية وضرورة وجوده في حياة الأسرة والأبناء وتفاعله مع متطلباتهم واحتياجاتهم النفسية كما المادية، إضافة لهمومهم الناشئة بفعل تقدم عمرهم.
ربما يكون غياب الأب مقبولاً نوعاً ما في الماضي، وفي حالة تكون فيها الأم فقط ربّة منزل، ولكن حتى في هذه الحالة، فلعلماء النفس والتربية رأياً مخالفاً، إذ يقولون بضرورة تواجد الأب في حياة الطفل كما تواجد الأم تماماً من حيث تكوين البنية النفسية والعاطفية ومنظومة القيم والمفاهيم التي يكتسبها الطفل من والديه حصراً. وهذا بدوره يعطينا فكرة عن أهمية وضرورة العلاقة بين الأب وأطفاله ليكونوا في المستقبل أبناءً صالحين وآباء إيجابيين يعرفون معنى المسؤولية ويقدرونها تجاه أنفسهم والآخرين. فالطفل الذي لا يتواجد أبوه في حياته إلاّ نادراً نراه طفلاً يفتقد الحنان والأمان، خجولاً، أو قد نجده مشاكساً، مزاجياً وسريع الغضب.
أما بالنسبة للفتاة التي تفتقد وجود والدها، فإنها تصبح أكثر ميلاً للتقرب من رجال كبار في السن، مبتعدة عن أقرانها من الذكور، وقد تختار زوجاً يكبرها أعواماً ليست بالقليلة، وهذا بحد ذاته تعبيراً وتعويضاً عن افتقاد الأب ودوره في حياتها.
هذه صورة لغياب الأب في حالة الأسرة الطبيعية، لكن ما هي صورة ط§ظ„ط£ط¨ظˆط© في حال الانفصال والطلاق..؟
غالباً ما تجري الأمور على ذات الوتيرة من الغياب والتحلل من المسؤوليات في إطار شرعي هو الانفصال، حيث يركن الأب لخيار الأم في حضانة أطفالها، فيكون الطلاق جواز سفر له للتخلص نهائياً من مسؤولياته وأبوّته، متعللاً بهذا الخيار وضيق الوقت والابتعاد عن رؤية الأم أو التشاجر معها، لا سيما في ظل زواجٍ ثانٍ له.
كما أنه يتخلى ليس فقط علن أبوّته التربوية والاجتماعية، بل حتى عن مسؤولياته المالية والتزامه المادي حيّال حاجيات الأطفال، ملقياً الحمل برمته على الأم، ألم تختار حضانة الأولاد..؟ إذاً عليها تحمل تبعات اختيارها بكل أبعاده ونتائجه مهما كانت قاسية ومريرة.
وفي أفضل الأحوال يكتفي هو والقانون بما نصّ عليه من نفقة لا تغني ولا تسمن من جوع، لا بل قد يلجأ للتحايل على القانون عندما يقدم وثيقة تثبت ضآلة دخله الذي لا يساعده على تأدية واجبه المادي تجاه أولاده، أو وثيقة تثبت أنه لا عمل له، وبالتالي هو غير مكلف بما لا طاقة له به، بينما يؤمن متطلبات أسرته الثانية دون تقصير، وكل ذلك تحت حماية ومظلة القانون، هل هذا معقول..؟
هل معقول ومقبول أخلاقياً وقانونياً واجتماعياً أن تقوم الأم بكل تلك الأعباء، ويُسمح للأب بالتخلي عن واجبه تجاه أبوّته..؟؟
وحتى أنه ربما لا يسأل من أين ولا كيف تفي الأم بتلك الالتزامات حتى ولو كانت منتجة، فكيف سيكون الوضع إذا لم تكن منتجة وفي ظل ظروف اقتصادية ومعاشية بالغة التعقيد…؟؟؟؟
لكنه بذات الوقت لن يتوانى عن إدانتها وسلبها حضانة الأولاد إذا ما اشتبه بأخلاقها والطرق لتي تسلكها لتأمين احتياجات أطفاله، حيث يستفيق الشرف وتتأجج الرجولة العفنة المدججة بالأعراف والتقاليد والقيم البالية عن مفهوم الشرف. وأحياناً كثيرة قد يلجأ لتلفيق التهم الأخلاقية للأم حتى يحرمها حق حضانة أبناءها، وكثيرة القصص التي تُروى حول هذا الموضوع.
فأين هو إذاً من الشرف لمّا تركها وأولادها لمصير مجهول وحاجة قد لا تقبل أو تعرف التأجيل..؟ هل من الشرف بمكان التحايل على القانون..؟
أم أن ط§ظ„ط£ط¨ظˆط© فقط بالنسب وحمل اسم لا يجوز له أن يندثر.!!!!!!!
أسئلة نضعها برسم الإجابة أمام المجتمع والقانون والقيم. فهل من مجيب…؟؟؟؟
hgHf,m >>> lh fdk hg,h[f ,hguh’tm hggfkm