منذ أكثر من عشرين عاماً وأنا أقرأ سورة المؤمنون التي تبدأ بقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1-2]، وأتساءل: ما هي علاقة الفلاح وهو ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط بالخشوع؟ وكنتُ أتصور أن هذه الآية تخص ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط في الآخرة وليس في الدنيا، ولكن ولأول مرة وجدتُ أن هذه الآية تخص الدنيا كذلك. فالخشوع هو الطريق الأقصر للنجاح في الدراسة أو العمل أو ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط في الحياة الاجتماعية أو في اتخاذ القرار السليم والخشوع هو الطريق الأقصر للنجاح في تحقيق السعادة في الدنيا، ولكن كيف يكون ذلك، وما هي علاقة ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ بهذه المسائل؟1- يقول علماء النفس في دراساتهم العلمية حول أسرار النجاح: إن أكثر ما يفقد الإنسان فرص ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط في حياته هو تشتت التفكير وعدم التركيز، وينصحون بضرورة ممارسة التأمل والنظر إلى شيء ما لأن ذلك يساعد على تركيز الفكرة وبالتالي اتخاذ قرارات صحيحة.2- تؤكد الدراسات العلمية أن التأمل لفترات طويلة يساعد النظام المناعي على أن يكون نشيطاً ويؤدي عمله على أكمل وجه ويقاوم مختلف الأمراض، وبالتالي يكون الجسم صحيحاً وخلايا الدماغ نشطة مما يساعد على اتخاذ قرارات صائبة وزيادة فرص النجاح. مع العلم أن ما يسميه العلماء بالتأمل هو جزء من الخسشوع الذي نمارسه في صلاتنا.3- ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ في الصلاة يعني التفكير بعمق في معاني الآيات حيث تتضمن هذه الآيات معاني كثيرة تغير حياة الإنسان بالكامل نحو الأفضل. فالله تعالى يأمرنا بالطهارة والصدق وحسن الخلق والصبر وبر الوالدين والإحسان للآخرين… وينهانا عن الخمر والزنا والفساد في الأرض وينهانا عن إيذاء الآخرين وينهانا عن الفواحش وكل ما يضر الصحة… وبعد تدبر وتطبيق هذه التعاليم يصيح المؤمن أكثر صحة وقوة وتوازناً… ويساعده هذا على ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط أكثر في الحياة وفي جميع المجالات.
4- تؤكد جميع الأبحاث العلمية أن المحافظة على نظافة الجسد وطهارته والالتزام بمواقيت الصلاة يجعل المؤمن أكثر نشاطاً وانضباطاً وبالتالي يساعده هذا الأمر على ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط في حياته العملية. كذلك فإن ممارسة ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ تجعل الإنسان أكثر سعادة، أي أن ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ هو طريقة سهلة لعلاج الاكتئاب أيضاً.5- كما أن ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ لله يمنح الإنسان ثقة عالية بنفسه وبقدراته على ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط لأنه يتصور أن الله تعالى معه، وأن الله سيذلل له المصاعب ويدله على الطريق الصحيحن وهذا الإحساس يساعد الإنسان كثيراً على ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط في العمل أو الدراسة.6- النص القرآني الكريم ربط بين ثلاثة محاور أساسية وهي: الإيمان (الْمُؤْمِنُونَ) – الصلاة (صَلَاتِهِمْ) – ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ (خَاشِعُونَ)، والإيمان هو عمل القلب أما الصلاة فهي عمل الجوارح أو الأعضاء والخشوع هو عمل القلب، وهنا نلاحظ أن الله تعالى أعطى أهمية أكبر لعمل القلب ليدلنا أن الهدف من الصلاة ليس مجرد القيام والركوع والسجود كأعمال بدنية إنما المقصود هو زيادة الإيمان واليقين والخشوع..7- إن القرآن في هذا النص ربط بين ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط والخشوع وهذا مطابق للدراسات العلمية التي تؤكد على أهمية التأمل في النجاح، وبالتالي فإن القرآن أحقّ أن يُتّبع لأن تعاليم القرآن تضمن لنا ط§ظ„ظ†ط¬ط§ط والسعادة.وأخيراً دعونا نعيد قراءة النص الكريم: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1-2]، ونتساءل: هل أصبح للخشوع معنى أعمق وأهم في ممارسة هذه العبادة؟ وهل نطبق هذا ط§ظ„ط®ط´ظˆط¹ في حياتنا: في الصلاة وفي تلاوة القرآن وفي الدعاء… وحتى أثناء معاملة الناس نكون خاشعين لله تعالى فنرحم الآخرين ونساعدهم ونفعل الخيرات… عسى الله أن يرحمنا في الدنيا والآخرة.ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
hgoa,u ‘vdr hgk[hp