تخطى إلى المحتوى

هل من الصعب أن نعلم الطفل الكرم مع الآخرين؟

  • بواسطة

ما أروع هذا ط§ظ„ط·ظپظ„ الصغير الذي تقدم له أمه قطعة الحلوى فيسرع باقتسامها مع أخيه الأصغر منه.
أقول: ما أروع هذا الطفل، لأنه طفل متخيل وغير موجود في الحياة الواقعية. فالأطفال يندفعون إلى ما يحبون من حلوى بصورة تجعلنا جميعاً نتذكر حدائق الحيوان عندما تلتف القردة وتتصارع على أصابع الموز.
لكن هل من ط§ظ„طµط¹ط¨ تنشئة الصغر على الكرم؟
إن الإجابة على ذلك هي نعم ولا في آن واحد.
نعم .. إن تنشئة الصغار على ط§ظ„ظƒط±ظ… في عالم متنافس مسألة صعبة جداً. ولكن تنشئة الصغار على ط§ظ„ظƒط±ظ… في عالم متعاون مسألة يسيرة للغاية.
فهل نحن داخل الأسرة متنافسون أم متعاونون؟ هذا هو السؤال ط§ظ„طµط¹ط¨ الذي يجب أن يواجهه الكبار أولاً.
فإذا كان الأب يقوم من على المائدة ولا يساعد في رفع الأطباق، ولا يفكر إلا في توجيه الأمر بطلب كوب الشاي، فتسرع الأم لتضع الشاي على النار وتلهث لتأخذ الأطباق من على المائدة، ثم تلهث لوضع الأطباق في غسالة الأطباق، ثم تلهث لتراقب غليان الماء على النار، ثم تلهث لتنظيف مائدة الطعام، ثم تلهث لوضع بعض الشاي في الماء الذي يغلي، ثم تخرج الأكواب النظيفة، ثم تحضر الشاي للأب الذي يقرأ الجريدة بكسل شديد وينظر إلى الشاي فيراه غامق اللون، فيقول للزوجة: ما هذا الذي تقدمينه لي لأشرب؟ إني أحب الشاي مصنوعاً كذا وكذا، فمتى ستعرفين مزاجي في شرب الشاي؟..
إن ط§ظ„ط·ظپظ„ الذي ينشأ في بيت تقوم فيه المرأة بكل العمل ويقوم الرجل فيه بالكسل وإصدار التعليمات هو طفل ينظر إلى دوره كامبراطور كسول يطلب رضوخ كل من حوله له.
والطفلة التي تنشأ في مثل هذا البيت تأخذ انطباعاً سيئاً عن وضع المرأة في المجتمع، وقد تخرج فيما بعد زعيمة نسائية من المطالبات بحقوق المرأة. وهذا ما حدث بالفعل مع كل زعيمات حركات تحرير المرأة، فقد كان الأب (في أسرة كل واحدة منهن) رجلاً قاسياً، فظاً، لا يحسن التعاون مع الزوجة، ولذلك تمردت عليه الابنة، وتمردت على كل رجل غيره، رغم أن (إيركا يونج) ـ وهي واحدة من أشد المتعصبات لحرية المرأة في الولايات المتحدة والتي كتبت روايات وقصصاً فاضحة تصور الرجل مجرد أرنب صغير يبحث عن برسيم اللذة في حضن المرأة ـ لم تتزوج إلا رجلاً أجبرها في لحظة ضعف أن تقول له: (يا سيدي أنا خادمتك). وقالت (إيركا يونج): (نعم، إنه سيدي لأنه يعلم أن جسدي ينجذب له فلا أملك مقاومة أمامه. إنني خادمة له بروحي وجسدي). وقد اعتزلت هذه السيدة الكتابة مدة عامين وما زالت مستمرة في العزلة حتى الآن، ذلك أنها تجاوزت الخمسين وهي تحيا في رحاب شاب في الثلاثين!
إذن، لابد من وجود أسرة متوازنة أساساً لا يقوم فيها انسان بدور السيد، وآخر بدور العبد. وهنا يمكننا أن نعرف أن لكل انسان في المنزل عملاً، وأن لكل انسان قدرة على المشاركة حتى نجعل حياة الأسرة أسهل وأجمل.
إن البلد الذي يستطيع أن ينشئ أطفالاً يحسون في أعماقهم بأهمية الآخرين ويمكنهم مساعدة بعضهم البعض، هذا البلد يستطيع في المدى البعيد أن يحل المشاكل الجادة التي تواجه الانسانية حالياً، سواء على مستوى الأفراد أم المجتمعات أم المشاكل القومية، وخصوصاً مشاكل الطلاق، والإرهاق العصبي، وكذلك مشاكل انحرافات الشباب، وغير ذلك من المشاكل.
وعندما نتوغل في أعماق ط§ظ„ط·ظپظ„ نستطيع أن نلمس أن ط§ظ„ظƒط±ظ… والقدرة على التعاون مع الآخرين يوجدان على مستويين: المستوى الأول، جهزت السماء به كل طفل، أعني الاستعداد الطبيعي والفطري للاستجابة العاطفية لأي مشاعر ودودة توجد من حول الطفل. ويظهر ذلك منذ الشهر الثاني لميلاد الطفل. إنه يبتسم بسعادة بالغة عندما يدلله الكبار، وإذا ما شعر ط§ظ„ط·ظپظ„ أن كل من حوله يحبه فهو يتفاعل مع هذا الحب ويكن مشاعر صافية من المودة تجاه المجتمع المحيط به، ويمكننا أن نرى ذلك في محاولة ط§ظ„ط·ظپظ„ الذي بلغ ثمانية عشر شهراً أن يطعم أمه بعضاً من طعامه بنفس الطريقة التي تطعمه أمه بها.
هذا هو المستوى الأول من الحب وهو جانب فطري يمكن تنميته ليكون واقعاً سلوكياً، وبهذا ينتقل الحب من المستوى الأول إلى المستوى الثاني وهو السلوك الدائم في المجتمعات على ضوء التفاعل العاطفي.
إن خيال ط§ظ„ط·ظپظ„ يكتشف أولاً أنه محبوب وأنه يملك طاقة عطاء الحب. ثم ينتقل ط§ظ„ط·ظپظ„ من حالة الخيال العاطفي إلى الترجمة العملية لهذه العواطف في الدائرة الاجتماعية الأوسع، وهذا ما نسميه باكتساب القدرة على العطاء. وهذا ط§ظ„ظƒط±ظ… المبكر في الطفولة يكون محدوداً وعفوياً حتى العام الثالث من عمر الطفل. فالطفل قد يشارك غيره من الأطفال في بعض من لعبه، ولكن هذا ط§ظ„ظƒط±ظ… قد ينقلب إلى نقيضه فيهجم ط§ظ„ط·ظپظ„ على ط§ظ„ط·ظپظ„ الآخر لمجرد أنه يلعب بلعبة من لعبه، تلك اللعبة التي أعطاها ط§ظ„ط·ظپظ„ عن كرم للطفل الآخر.
وعلى الآباء والأمهات تقوية الجانب الدافئ والانساني والكريم في طبيعة أطفالهم خلال الثلاث سنوات الأولى. إن هذه السنوات تنطوي على مشاعر مختلفة ومختلطة.
والطفل في هذه المرحلة يفعل الشيء ونقيضه بدون وعي، لا بل يتصرف دون حاجة إلى تفكير مسبق. إن الفطرة الأولى هي التي تغلبه.
وفي هذه السنوات الثلاث الأولى يمكن للآباء أن يقوموا بخطوات فعالة وواعية لترسيخ عادات التعاون بينهم وبين أطفالهم، بدلاً من أن يتركوا ط§ظ„ط·ظپظ„ دون إرشاد، وهو بذلك يتحول إلى طاقة لا تعرف لها منفذاً إلا الإساءة إلى الغير. إن ط§ظ„ط·ظپظ„ الذي لا يجد ما يفعله يمكن أن يدمر ما حوله لمجرد الفوضى ولمجرد التعبير عن طاقاته الهائلة الموجودة في جسده والتي تعبر عن نفسها بتلقائية. إن الأهل يجب أن يتيحوا الفرصة للطفل أن يلعب، وأن يحاولوا تعليمه كيفية مساعدتهم في بعض من أعمال البيت البسيطة كترتيب لعب ط§ظ„ط·ظپظ„ أو جمع الأشياء المبعثرة من الصالة. وعندما يفعل ط§ظ„ط·ظپظ„ ذلك لابد من اظهار الشكر والعرفان له، لأن ط§ظ„ط·ظپظ„ يمكنه أن يحس بقيمة هذا الشكر ويتفاعل مع الأسرة في المرات القادمة.
ويمكن للأم أن تطلب من ط§ظ„ط·ظپظ„ ذي العامين أن يحضر لها أي شيء يمكن أن يحمله من غرفة مجاورة. وهنا سيقبل ط§ظ„ط·ظپظ„ هذه المهمة على أنها رسالة سامية يؤديها. إنه يشعر أن طلب أمه لمساعدته هو جواز مرور يدخل به عالم الكبار.
وأحياناً يعصي ط§ظ„ط·ظپظ„ أمراً أو طلباً من أمه أو أبيه، وهنا لا يجب أن نجبر ط§ظ„ط·ظپظ„ على فعل ما رفض أن يفعله، ولكن على الأب أن يتصرف بجدية شديدة وأن يتجه هو إلى تنفيذ الفعل المطلوب ويعلن أنه كان سيفعل هذا الشيء بطريقة أفضل لو ساعده ابنه الصغير في أداء هذا العمل.
صحيح أن الأب لا يقول الصدق، ولكن الأب بمثل هذا القول يستثير همة الطفل، وهذه طريقة فعالة لتوليد العاطفة الانسانية، عاطفة مد يد المساعدة للآخرين عندما يحتاجونها.
إنها الجدية الشديدة الممتزجة بالعاطفة.
ومن بعد العام الثالث من حياة ط§ظ„ط·ظپظ„ تبدأ فترة تستمر حوالي الثلاث سنوات، وفيها يحس ط§ظ„ط·ظپظ„ بمشاعر متوهجة نحو الأب إن كان ط§ظ„ط·ظپظ„ فتاة، ونحو الأم إن كان ط§ظ„ط·ظپظ„ صبياً. إنها أول قصة حب في حياة الطفل، ويلعب فيها الأب أو الأم دور المنافس للطفل. إن الولد ينافس والده في حب الأم والبنت تنافس الأم في حب الأب. ويحاول الولد أن يتسلط على الأم وأن يمتلكها، وتحاول البنت أن تحيط الأب بكل حنانها حتى لا يحب أمها. وهنا يمكن للأب أن يعلم الفتاة الصغيرة كيف تعتني بنفسها، وهنا يمكن للأم أن تعلم الابن كيف يساعداه في أعمال البيت.
ويمكن للأب أن يفخر بالابن الذي يساعد أمه في أعمال البيت، والأب بذلك يقلل من الجانب السلبي لمنافسة الابن لأبيه في حب الأم.
ويمكن للأم أن تفخر بالبنت التي تساعد والدها وتهتم بشؤونه، والأم بذلك تقلل من الجانب السلبي لمنافسة الابنة لأمها في حب الأب.
إنها تفاصيل صغيرة يمكننا نحن الكبار أن نهتم بها ولا تكلفنا جهداً كبيراً، ولكنها تعلم ط§ظ„ط·ظپظ„ الصغير كيف يكون كريماً ومتعاوناً منذ بداية رحلة العمر.


ig lk hgwuf Hk kugl hg’tg hg;vl lu hgNovdk? hgauf kulg

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.