-
-
بسم الله الرحمن الرحيم
-
من وحي التربية النبوية للأطفال
-
إذا كـانـت مـعـظـم الحضارات السالفة التي ازدهرت قبل ظهور الإسلام ، قد عرفت ألواناً مـتـعـددة من ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© طبعت حياتها بطابع يعكس فلسفة كل أمة من تلك الأمم.. فإن الأمة الإسـلامـيــة قــد انفـردت عن غيرها من الأمم بنظام تربوي متميز قادر على تكوين أجيال مـسـلـمـة مـتوازنة ، قادرة على تحمل المسئولية الكاملة في تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
-
ولقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – هو المربي الأول الذي قام بهذه المهمة التربوية فرسم نماذج تـربـويــة للـطـفـولة لم يسبق لها مثيل في عالم الرعاية بالأطفال ، حيث كان يـشــرف بنفسه وبأسلوبه الفريد في تنشئة تلك البراعم التي لم تتفتح ، والأغصان التي لم يشتد عودها بعد.
-
ولم تكن هذه ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© ط§ظ„ظ†ط¨ظˆظٹط© قاصرة على مـن يعيش في كنف النبي الكريم -صلي الله عليه وسلم- ، أو من يعيش تحت سقف بيته ، بـل كـان ذلك مبدءاً تربوياً ينتهجه لأمته عامة ، ويرسخه لكل الأجيال من بعده ليقتفوا أثره ويـسـيـروا على منهجه التربوي عملاً بقوله تعالى : ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ والْيَوْمَ الآخِرَ)) [الأحزاب:21].
-
ولو تتبعنا مراحل المنهج التربوي النبوي في عالم الطفولة لرأينا أن مرحلة ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© تبدأ منذ أن يكون الطفل سراً في عالم الغيب ، وذلك ليضمن الأصـل الـصـالـح ، والـمنبت الطيب ، والمحضن الأمين ، فدعا الزوج لاختيار الزوجة الصالحة التي ستكون مصدر عـزة الطـفـل ومربيته على الفضائل.
-
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظـفـر بـذات الـديـن تربـت يـداك) متفق عليه.
-
كما دعا -عليه الصلاة والسلام– المرأة وبنفس القوة إلى إيثار الزوج الصالح الذي سـيـكـون أبـاً لأطفالها وقدوتهم ومصدر عزتهم ، فقال تعالى:((ولَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ ولَوْ أَعْجَبَكُمْ)) [البقرة:221]. كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " إذا جـاءكـم من ترضون دينه وخلقه فأنكحـوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفـســاد ، قـالـوا: يا رسول الله وإن كان فيه؟؟ قال: إذا جـاءكـم من ترضون دينه وخلقه فـانـكـحـوه .. ثلاث مرات " أخرجه الترمذي، وما أن يتم عقد الزوجية حتى يتمثل الزوجان قول الله عز وجل: ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ واجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً)) [الفرقان:74].
-
وهـذا مـن بــاب الأخــذ بأسباب ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© الصالحة التي تبعث في الزوجين الطمأنينة على مستقبل أطفال أصحاء روحياً وجسدياً.
-
وما إن تستقر النطفة في رحم المرأة ، وتبدأ مرحلة تكوين الجنين في بطن أمه حتى يوصي الإسلام بالعناية بالحامل عناية كبيرة من أجل سلامتها وسلامة جنينها ، فيأمرها بالأخذ بالأسباب العلاجية ، والوقائية ، والنفسـيــة ، والروحية ، لدرجة أنه يعفيها من فريضة الصيام أثناء الحمل إذا خافت على نفسها أو ولدها من الضرر ، كما أنه يحثها على قراءة القرآن ، والدعاء المستمر ، فقد أثبتت التجارب العلمية والعملية أن المرأة المتزنة، والمطمئنة نفسياً ، يتصف وليدها بطبيعة هادئة ومتزنة على عكس المرأة المضطربة نفسياً والتي تمارس العادات السيئة.
-
وبـعـد الـولادة حـيث يستقبل الطفل بالفرح والبشارات ومع بداية هذه المرحلة الهامة من حـيـاة الـطـفـل الذي يكون فيها جاهزاً لكل ما يعرض عليه من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الـصـفـات ، سنَّ لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نبدأ هذه المرحلة بغرس جذور الـعـقـيدة وكلمة التوحيد والشهادة من خلال الأذان في أذن المولود اليمنى. فقد أذن النبي الكريم في أذن الحسين بن علي ، فعن عبيد الله بن أبي رافع قال : " رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- أذن في أذن الحسين حين ولدته فاطمة " أخرجه أحمد والترمذي .
-
وحين يبلغ الطفل يوم سابعه يوصي الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتكريمه والاحتفاء به حين يقول : " مع الغلام عقيقته ، فأهريقوا عنه دماً ، وأميطوا عنه الأذى " أخرجه البخاري .
-
فـيـأكـل الفـقـير والأقارب من هذا الاحتفال بقدوم المولود ، ويحلق شعره ليماط الأذى عن رأسه ، ويـتـصـدق بوزنه من الفضة على الفقراء ، والمساكين ، والمحتاجين ، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- لابنته فاطمة – رضي الله عنها – حـيـن ولـدت الحسين : " احلقي رأسه فتصدقي بوزنه من الورق على المساكين " أخرجه أحمد.
-
وفي هذا اليوم أيضاً ندب -عليه الصلاة والسلام– تسمية الطفل واختيار الاسم الحسن له حيث قال -عليه أفـضـل الصلاة والسلام- : " أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله ، وعبد الــرحــمـن " أخرجه مسلم ، فـكـانت هـذه أيضاً مكرمة للطفل تساعده على الابتهاج حين يدعى باسم حسن، وتجنبه الاعتزال والخجل فيما لو أسماه اسماً قبيحاً.
-
ومن أجل ذلك حرص – عـلـيه الـسلام – على إبدال الأسماء القبيحة بأسماء حسنة ، كما بين لنا أحب الأسماء وأصدقها ، وأقبحها.
-
وهكذا تتدرج العناية بالطفل والاهتمام به ، وتربيته بكل أنواع ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© الشاملة من خلال توجيهات نبوية كريمة في كل مرحلة من مراحل نمو الطفل نفسياً ، وجسدياً ، – بدءاً من ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© العقدية السليمة ، ومروراً بالتربية الاجتماعية والخلقية ، والعاطفية.
-
ولكن المهم الذي لا بد من ذكره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان نموذجاً فريداً للأبوة الكريمة في حـيــــاة البشرية. *يفرح بقدوم الأطفال ،
-
*ويشارك في اختيار أسمائهم ،
-
* ويحنو عليهم فيمازحهم، ويلاعبهم، ويضمهم إلى صدره الكريم ، ويقبلهم بفمه ،
-
فإن هذا يعطيهم الجو النفسي للحياة الإنسانية السوية ، رحمة ، وحباً ، وإخاء .
-
وبـذلـك كـــان من ثمار هذه ط§ظ„طھط±ط¨ظٹط© الفذة أن أنشأت جيلاً مثالياً حقاً في إيمانه، وعبادته، وتفكيره ، وأخلاقه ، ومعاملته.
-
lk ,pd hgjvfdm hgkf,dm ggH’thg hgjvjdf