عمر حمشو.. موهبة نادرة، ولغز محير، ومجموعة من المتناقضات الصارخة، لكنها شخصية ترقى وتترفع عن المواقف الاستعراضية، والعظمة الفارغة، فهي بداية قد نفت نفسها مختارة، ودخلت في عزلة طوعية، لكن ليس لتحلق في إمبراطوريات الوهم بل لتبتكر وتكتشف بما تعطي نفعا للبشرية والإنسانية جمعاء. لم تكن المقابلة معه بهذه السهولة، فهو لا يحب المقابلات أبداً واللقاءات الإعلامية، وكونه مشغول دوماً ووقته ثمين…
انه ط§ظ„ظ…ط®طھط±ط¹ ط§ظ„ط³ظˆط±ظٹ ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ (عمر حمشو) من مواليد مدينة حماة، حي الشرقية عام 1950م. درس في ثانويتي عثمان الحوراني وابن رشد وتخرّج من جامعة دمشق كلية الهندسة الكهربائية اختصاص إلكترون عام 1975م، ثم توجه بعدها إلى عدة دول منها: ألمانيا، النمسا، فرنسا، انكلترا، أمريكا، لاستكمال تخصصاته في مختلف مناحي العلوم الإلكترونية وبخاصة «التحكم الالكتروني». وهو متزوج من المربية الفاضلة الدكتورة (رفيدا الحبش) وله من الأولاد ثلاثة، شابان وبنت (غياث وبراء وسيرين)، وثلاثتهم درسوا الهندسة الإلكترونية مثل أبيهم، وزادت سيرين عنهم فقد درست كأمها الشريعة الإسلامية.
للمهندس عمر طظ…ط´ظˆ مئات -إذا لم نقل الألوف- من الاختراعات والإبداعات والأعمال الإلكترونية المعقدة على امتداد القطر العربي ط§ظ„ط³ظˆط±ظٹ وخارجه، بل على امتداد حياته العملية كاملة، تجسدت في مجالات حفارات النفط، ومعامل الغاز، ومحطات الكهرباء، وفي معامل الحديد، ومصافي النفط، ومعامل القضبان، ومعامل النسيج، ومعامل البورسلان، ومعامل الأنابيب، والسدود الكهرومائية، ومعامل الإسمنت، ومعامل الأدوية، ومعامل الصهر، والعنفات الغازية، ومحطات التوليد البخارية والغازية، ومنشآت صناعية ونفطية وكهربائية وتحكمية أخرى ومنشآت كثيرة خاصة وعامة أخرى لا يمكن حصرها. فقد عدّل، وتعامل، وطوّر،وحسّن، وصمم، واطلّع، وتداول بنجاح كبير وبشكل تصميمي مع ما يزيد على 30 ألف دارة وجهاز الكتروني من جميع العلوم الإلكترونية: الصناعية، والكيميائية، والمخبرية، والنباتية، وفوق الصوتية، واللاسلكية، والفضائية، والدوائية، والنفطية، والغازية، والكهربائية، والحيوية، والضوئية، والجيولوجية، والعضوية، والزراعية، والتحكمية، والتعدينية، والصوتية، والبيئية، والفيزيائية، والغذائية، والمنزلية، والطبية، وفي علم الحيوان وله بصمات حقيقية في كل تلك المجالات جميعاً.
وهذه الأعمال الألكترونية، والكم الهائل في تنوع الإبداعات، والاختراعات والتعديلات، تعتبر شيء نادرا حتى على المستوى العالمي، فلقد أكتشف أخطاء كثيرة في تصاميم أجنبية، واكتشف نقاط الضعف فيها والتي بعضها مقصودة من قبلهم بقصد الاحتكار التجاري والرجوع إليهم دائماً، وله أرشيف كبير بذلك بعدما صححها وعدلها. ولعل من بعض اختراعاته الكثيرة، هو جهاز الكتروني للتحكم برأس حفارة نفط غربية الصنع، وكان هذا الجهاز يعمل حوالي الشهر ثم يتعطل، وتحتاج الشركة أن تشتري كل شهر جهاز الكتروني جديد، وثمنه بالملايين، أو ترسله للشركة الصانعة للإصلاح بسعر عالي ويحتاج لفترة طويلة يتوقف على أثرها العمل، وقد حيرت هذه المشكلة الخبراء ولم يجدوا لها حلاً. طلب ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ عمر منهم المخططات فلم يستجيبوا له، فعكف بإصرار على رسم مخططا جديدا لهذا الجهاز ولكنه أكثر تفصيلا ووضوحاً من مخططهم، وهذا يتطلب عملا شاقا ومعقدا، وعند انتهائه تأمل بمخططه (فاكتشف من خلال خبرته الواسعة) أن هناك خطأ كبير بجهازهم في التصميم (من الأصل) فتم حل المشكلة، بأن عدّل عليه بتصميم آخر وبشكل جذري، فكانت المفاجأة أن جهاز التحكم قد اشتغل دون أن يتعطل شهرا واثنين وثلاثة وأربعة أشهر، مما أدهش الشركة الغربية المصنعة فأرسلت خبيراً إلى مخبره بحماة ليقابله ويتأكد من الأمر، فوجد عنده من الخبرة ما لم يتوقعه، ووجد عنده أفكارا متجددة، وفوجئ بمخبره المتطور، فدعته الشركة إليها واستقبلته استقبال العظماء، وعرضت عليه أن يعمل عندها ووضعت تحت يديه كل المغريات، وأن يطلب ما يريد من مرتب، ومن تسهيلات وتجهيزات. وعرضت عليه الجنسية له ولزوجته ولأولاده ولأمه ولأبيه!!!. وهذه العروض تكررت معه كثيراً لكنه رفض مفضلا خدمة وطنه. ونقل خبرته لأهل بلده. وبعد كل هذا وللأسف لم يعرف الوطن قدره!!!.
يوجد في مختبره حوالي الخمس وعشرون غرفة، ويظن الزائر أن كل غرفة هي داخل قمر اصناعي من كثرة التجهيزات. فالمخططات الألكترونية الجميلة تملأ الجدران والأسقف والأرضيات والدرج حتى عمود المغسلة، وفي المخبر تجد كل المعدات المخبرية الألكترونية المتطورة الغالية الثمن التي اقتناها، بعدما بحث عنها بصعوبة في رحلاته المكوكية في الدول المتقدمة في العالم، وكلها كانت على حساب رفاهيته التي نسيها من أول حياته. ويوجد في مخبره أكثر من عشرة آلاف جهاز الكتروني حديث ومتطور، وإن أغلب السبعمائة فني الذي تدربوا على يديه كانوا تدربوا في هذا المختبر ويكنون له كل احترام وقدسية وعرفان بالفضل. ومن الطرافة أن مخترعنا العبقري قد صنّع كل الطاولات واللوحات والدروج والحيطان والأسقف الخشبية بيديه لأنه كان قد تعلم مهنة النجارة في العطلة الصيفية عندما كان في الصف الرابع. والأظرف من ذلك أنه علّمها لجميع المهندسين والفنيين لديه، لذلك لم يستدع أي نجارا لمخبرة، حتى أن الأسقف والنصاصي وعددها 12 في الطابق الثالث عندما نغلق أبوابها الخارجية، ولها أبواب داخلية كثيرة أيضاً فإنها تصبح متاهة، وتراه لغاية الآن وهو صاحبها يضيع فيها.
ان في مسيرة حياة ط§ظ„ظ…ط®طھط±ط¹ ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ عمر طظ…ط´ظˆ ومنذ طفولته كفاح حقيقي وتعب وشقاء وعناء وسهر، وكان يتملكه الفضول العلمي ويهوى تحدي الصعاب، ففي حياته محطات تسترعي الانتباه لأن فيها منصات عمل ورسائل إبداع لكل من ينشد النجاح والارتقاء في عمله وحياته وعلينا أن نتعلمها جميعاً. كان ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ عمر منذ طفولته المبكرة مغرماً بشكل كبير بالبحث العلمي بشكل عام والالكتروني بشكل خاص ولديه الفضول للاطلاع على كل شيء، فكان يفكك كل جهاز كهربائي وميكانيكي والكتروني يقع تحت يده، حتى ساعة يده الميكانيكية الدقيقة والمعقدة كان يفككها كاملة ويخرج كل قطعها ومسنناتها الصغيرة والدقيقة ويتمعن بهم ثم يعيدها لتعمل أحسن من السابق. وهو أول من اخترع جهاز الإنذار بصوت العصفور الذي انتشر فيما بعد بشكل عالمي حيث اخترع جهازا يعطي أصوات لكل أنواع الشحارير وتغريد الطيور. ولا تميزها عن الصوت الحقيقي، حيث كان يذهب إلى عين الخضرة ليستمع هناك لكل تغريدات العصافير ويصنع أجهزة تحاكيها. فلقد اكتسب بسبب متابعته ومواصلته للتجارب العلمية. وتفكيك الأجهزة وتطوير نفسه خبرة متصاعدة على مرور الأيام، ولعل انقطاعه عن الدنيا بما فيها من ضرورات المناسبات، ومتع الرحل، والاستجمام والراحة حتى في الإجازات، كنت تراه مداوماً في مختبره الألكتروني. فهو الناسك المتبتل في محراب مختبره ومع كل هذه العزلة والعناء والعمل ومشاقه، فإنه يتمنى أن يكون يومه خمسين ساعة، فهو لم يمنح لنفسه حتى استراحة المحارب بل بالإصرار على المتابعة، بعناد، وجدّْ، وعمل شاق، ومتواصل، الأمر الذي جعله يتفوق على أقرانه عالميا. فلقد كان يقوم بتجارب الكترونية ناجحة جداً في مرحلة الثانوي وفي مرحلة الجامعة بمخبره المتواضع، وكان قد اكتشف أشياء كثيرة جدا في ذلك الوقت. وبعد أكثر من 40 عاماً طبقتها الدول المتقدمة ومنها على سبيل المثال لا الحصر التحكم بعرض النبضة في وحدات التغذية PWM إذ كان يطبقها منذ سنة 1968 وُتعْتَبَرْ الآن انقلاب في عالم التغذية بعد عشرات السنين.
وقد صمم أجهزة الكترونية تقوم بتمييز أصوت الأشخاص (طابع الصوت) ولولا أن ذكّره بذلك السيد عصام قطان المقيم الآن بحماة وذلك عندما كان يزوره وهو طالب بالجامعة فيجري عليه وعلى زائريه هذه التجارب، ويميزهم عن بعضهم لنسي ذلك وقد اكتشفها العلم بعد عشرة سنوات على الأقل، وكذلك التحكم بالأمواج فوق الصوتية قبل أن تُستخدم عالمياً ومئات التجارب الناجحة التي أكتشفها العلم لاحقاً. وكان قد صمم الكثير من الأجهزة والتي تعتبر الأولى من نوعها مع ثلاثة أنواع من البطاريات والمدخرات النادرة.وكان ينتظر إظهارها وتعميمها -حتى تهدأ الأمور- إلا أنها ومئات من الأعمال الهامة الأخرى والتي تعتبر عالمية ذهبت واندثرت في عام اثنين وثمانين ولم تنتشر، ويحمد لله أنه لم يذهب ويندثر معها. ويا للأسف هذا هو حظ العالَم الثالث المتعثر، ويقول ما علينا إلا الصبر والمتابعة. ولو أن هناك إعلام ورعاية تتابعه كما هو الحال في الدول المتقدمة لرأيت مخترعنا يتصدر قائمة المخترعين البارزين على المستوى العالمي قاطبة لأن حجم اكتشافاته وأعماله المعقدة أكثر من أن تحصى، ولو أن مجمعه العلمي الألكتروني منتهياً منذ عشرين عاماً بتجهيزاته التي هيأها له لوجدت أن هناك أمور ستظهر وستكون هي الأولى من نوعها في العالم.
ومن سيرة هذا ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ العبقري ومن فضوله وهو طفل صغير أنه تعلم سبعة لغات عندما كان في المرحلة الابتدائية. وذلك من خلال كتيبات تعليم اللغات بلا معلم -في خمسة أيام- التي كانت متوفرة بالمكاتب آنذاك حيث حفظ هذه الكتب السبعة بشكل كامل. وبقي يحفظهم في ذاكرته ولعدة سنوات وهي الفرنسية والايطالية والتركية والاسبانية والفارسية والألمانية والانكليزية. ومن الظرافه أنه عندما سكن جيران له في الحي وكان بعضهم يتكلم اللغة السريانية وبعضهم يتكلم اللغة الكردية. فقام بتعلم اللغتين حيث كان يدوّن الكلمات والجمل على دفاتره الصغيرة، فقد كان ذو ذاكرة قوية جدا، و يفرح كثيراً عندما كان يكلّم السياح الأجانب بلغاتهم. وإن أول راديو صنعه كان في الصف الخامس منذ أكثر من خمسين عاماً.
وفي المرحلة الإعدادية كان يجري تجارب كيميائية معقدة، فكان يدفع مبالغ كبيرة ليشتري المواد الكيميائية والأحماض والأسس، والأملاح وأدوات التجارب الكيميائية كالبواتق، والسحاحات، والحواجل، وكانت الأبخرة الملونة تخرج من شبابيك مخبره وتوقف عن تجاربه الكيميائية، حيث أنه في إحدى المرات عندما مزج إحدى مركبات النيترات مع سائل الجليسرين، ولولا ستر الله ورحمته لكان قد فقد بصره وذلك عندما انفجرت البوتقة فأصابت وجهه. وكان كل ما يتقاضاه من والده من مصروف وعلى الرغم من كفايتها لمن كان في مثل سنه. لم يكن ليكفيه لهذا الكم الكبير من التجارب لذلك كان يقوم بأعمال كثيرة ومجهدة ليغطي نفقات هوايته وتجاربه الكثيرة. وكان يجري تجارب على المعادن بأن يوصل معدن الحديد إلى مرحلة الاحمرار عن طريق الاحتكاك. وكان يجري تجارب على الدجاج، والأرانب وعلى الماء والهواء ليستخرج الهيدروجين والأكسجين والكلور والآزوت ويقطّر بخار الماء. كما وله تجارب على الحشرات كالجراد، والصراصير،والنمل والأشجار وعلى الماعز، والغنم حتى أن أحد الخواريف الكبيرة التي كانت اكبر منه بأربع مرات تقريباً (وكانت تعود لعمه) حيث كان يمتطيها مثل الفرس، ومن خلال تجربة بسيطة عليه نفق هذا الخروف حتى أن عمه قبل وفاته (منذ عدة سنوات) وهو يقول له -بس فهمني كيف مات الخاروف بين يديك- وهو أكبر منك بأربع مرات!!؟.
تعامل ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ العبقري مع عشرات الآلاف من الأجهزة الألكترونية بنجاح كبير أذهل كبار الخبراء في العالم المتقدم، ويقول في أسلوب عمله إن أي جهاز ألكتروني معقد جداً، يتألف من دارات الكترونية كثيرة لكنها سهلة جداً، فكان يحل مشاكل هذه الدارات السهلة دارة دارة إلى أن تنتهي، وبذلك يكون قد حل تلك المشكلة المعقدة التي كانت بين يديه. وكان غالبا ما يستدين لينفق على مخبره وأدواته الكثيرة على الرغم بأنه كان يعمل بأجور كبيرة ولكن مصروف هوايته كان أكبر بكثير، وإن حبه العظيم والكبير لبلده جعله يتغاضى عن كل الإغراءات الخارجية وأهمها الحصول على الجنسية من بلادهم والتي يلهث وراءاها كل من لا يعرف قيمة هذا الوطن المقدس.
عندما تخرج ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ عمر من الجامعة 1975م، كانت لديه أفكار ألكترونية كبيرة بحل الكثير من المشاكل الطبية كالسرطان، والكسور، الأعصاب، والقلب، والربو، والحروق، وبعض أنواع الأكزيما، والشلل وتحريك العضلات الكترونياً وأمور كثيرة أخرى، ولكي يتابع معرفته بهذه القضايا ليضيف بصمة في عالم الطب (وبدون أن يخبر أحداً) اشترى كتب البكالوريا وبدأ يدرسها مرة ثانية ليأخذ البكالوريا ويدخل الجامعة ولكن في هذه المرة ليدخل كلية الطب، ويمزج بين علم الألكترون وعلم الطب ليحل كثيراً من هذه المشاكل العالمية. وجهّز نفسه ليأخذ العلامة التامة بالبكالوريا. ولكن عندما رأى حادثاً لشخص يعرفه وقد شُجَ وجهه بجرح عميق والدم يخرج منه فأغمي على ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ عمر وبدأ بالتقيؤ على أثر هذا المنظر فأوقفته هذه الحادثة عن هدفه ولم يتقدم إلى فحص البكالوريا ثانية وذلك قبل يومين عن موعد تقديم الامتحان عندما علم أن عالم الطب مليء بهذه المناظر الذي تتقزز نفسه منها.
وكان ط§ظ„ظ…ظ‡ظ†ط¯ط³ عمر كثير السفر حتى كان يصادفه أسفاراً يدور بها دورة كاملة حول الكرة الأرضية سنويا ليطّلع وليشارك الفعاليات والمؤتمرات العلمية والمعارض العالمية للاستكشاف في اختصاص الألكترون في العالم وغالباً ما كان يستدين من أجل ذلك لكلفتها الباهظة. وعلى الرغم أن مدخوله الكبير إلا أن كثرة مصاريفها كانت تشكل له مشكلة، فحياته في مراحل طلب المعرفة مليئة بالمغامرات والمفاجآت ففضوله العلمي منذ ثلث القرن عندما كان متوجهاً من فرنسا إلى ألمانيا للاطلاع على بعض المعدات الالكترونية بعد أن تجاوز مدينة (شتوت غارت) الألمانية أضاع الطريق من شدة الإرهاق ودخل وهو لا يدري بالغابة السوداء، والغابة السوداء كبيرة جداً وهي تمتد بين فرنسا وألمانيا وسويسرا والنمسا والتي فيها جبال الألب، وبدأ يسير مسافات كبيرة حتى منتصف الليل في هذه الغابة وكان الفصل شتاءً حتى فرغ البنزين من سيارته وتوقفت تدفئة السيارة ولم يشاهد أي إنسان سوى اللافتات التي تحذر من الوحوش المفترسة وكان البرد قارصا إنها ذكريات قاسية لكثرة ما عانى في تلك الليلة وما واجه من المفاجآت.
ولقد أعطته الجامعة العربية وسام الريادة على مستوى الوطن العربي، لكن من طبيعته أنه لا يهتم بالشكليات ولا بجميع الأوسمة التي قُدِّمت له في أو قات سابقة ولاحقة، وكان يهملها جميعها ويقول : أنا وللأسف مقصرٌ جداً ولم أحقق أكثر من 20% بالمئة من برنامجي في حياتي. وهو كريم جداً ولا يحب البخل أبداً حتى أنه في لحظات معينة (وبشكل لا إرادي) يتخيل أن البخيل ليس من البشر فكثيرا ما كان يستدين لسد حاجة محتاج، وهو شديد الثقة واليقين بالله عز وجل ويكره التكبر والغرور ويحب التواضع، وهو شديد المسامحة ويحب الخير لكل الناس حتى للناس الذي سببوا له في يوم من الأيام وجع راس بسبب الحسد أو لأسباب يجهلها على الرغم بأنه يحب كثيراً هؤلاء الناس. وكان لمدة ربع قرن يمارس الحمية على الماء فقط (وتسمى بالصوم الطبي)، ومدته الحمية تتراوح من عشرين إلى أربعين يوما، وكان يحتمي سنوياً طبعا بدون أي طعام أو شراب ليلا نهاراً بل على الماء فقط. وبرنامجه الدائم النوم باكرا والاستيقاظ باكراً، فإذا تأخر بالاستيقاظ فإنه يستيقظ في الثلث الأخير من الليل في الوقت الذي يستجاب به الدعاء. ويقول أن السهر سبب كل علّة فالسهر يجعل الناس ينامون في الوقت التي توزّع فيها الأرزاق، ومنذ طفولته اعتاد الصلاة جماعة كل وقت في مسجد مختلف عن الوقت الذي قبله فكان يصلي كل شهر بكل مساجد المدينة (حوالي 133 مسجد) حيث كان جده "أبو خالد" كذلك، ويصطحبه معه إلى المساجد عندما طفلاً عندما كان طوله بقدر طول عكاز جده كما يقول، وله أذكار يومية طويلة جداً طيلة حياته، ويقول لولا البركة بالوقت لما استطعت تداولها بشكل يومي لأنه يتداولها وهو في قمة انشغاله وعمله وعطائه الكامل.
rwm k[hp _ hglojvu hgs,vd hglik]s ulv pla, > [gs,
أما عن طفولته في طلبه للعلم والمعرفة: فقد كان إذا سمع عن شخص لديه خبره ألكترونية فإنه كان يشد الرحال ويسافر إليه من مدينة إلى مدينة محملاً بالهدايا ليسأله أسئلة يجهلها ويزيد من معرفته الألكترونية، وغالبا ما كان يعود مكسور الخاطر. وله قصص كثيرة في هذه المعاناة وكسران الخاطر لذلك كان يفكر منذ طفولته ببناء مجمع علمي ألكتروني وبرج للعلوم وقفص للتجارب ليخدم به أمته وأبناء وطنه. ولكي لا يعاني الآخرون وبخاصة الشباب كما عانى هو في حياته وليأخذ بأيديهم ويدربهم من خلال خبرته التي أكتسبها على مدى نصف القرن فقد درب بحياته أكثر من 700 متدرب وأراد من خلال هذا المجمع أن يصل بالعدد إلى الألف متدرب. ولكن هذه المرة بتعهد خطي وشروط على أن يدرب كل من تدرب عنده اثنان غيره وهكذا. ولقد بدأ ببناء هذا المجمع كما يقول خشية أن يحاسبني ربي (على الرغم أنني لم أقصِّر في يوم من الأيام في نشر ما حصّلته من خبرة ألكترونية). وليتابع فيه برامج الإبداع والتطوير والاختراع وإجراء ألوف التجارب التي تنتظر دورها فضلاً عن مساعدة المبتكرين كل ذلك من خلال الخبرة التي اكتسبها في حياته. فقد أعانه الله للبدء بهذا المشروع (المجمع العلمي الألكتروني وبرج العلوم وقفص التجارب منذ عشرين عاماً) حتى أصبح هذا المجمع شاخصاً للعيان. عندما ساعده بذلك الدكتور إبراهيم موصلّي كردي حفظه الله (صاحب البناء) بتقديم تسهيلات كبيرة وميسَّرَة للبدء بهذا المشرع العملاق والذي يتألف من أكثر من مائة وخمسين غرفة وصالة وجناح، وقطع فيه مرحلة متقدمة.
وعندما بقي عليه عدة ملايين لم يستطيع تسديدها له فسامحه بذلك، وبالتالي يكون الدكتور إبراهيم هو الوحيد الذي ساعده في حياته المادية في هذا المشروع حيث تزيد مساحة قفص التجارب الألكتروني فيه على ثلاثة آلاف متر مربع، والذي سيكون أكثر تطوراً على المستوى العالمي وهذا المشروع ليس لعمر حمشو كما يقول. فمن بعض أجنحته الكثيرة هو جناح التجارب في حالة انعدام الضوء والتعتيم الكامل للأشعة المرئية وغير المرئية (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون). وجناح التجارب في حالة انعدام الصوت والسكون التام للأصوات المسموعة وغير المسموعة وجناح التجارب على انعدام الوزن، مع وضع بحوث خاصة في برج العلوم وقفص التجارب في حالة انعدام التشويش الكهرطيسي مع الحديقة الألكترونية. وان برج العلوم وقفص التجارب يحلم بهما المهندس عمر منذ أكثر من أربعين عاما ولم يقتصر ذلك على الحلم فقط كما يحلم الآخرون، بل بدأ ونفّذ وفعل وذلك منذ حوالي العشرين عاماً تقريباً. وقبلها كان في فترة الاستعداد والتحضير لهذا المشروع، فحرم نفسه من كل شيء من كل شيء بالتفرغ والعمل الجاد والمتواصل والدوؤب والشاق والسهر والحرمان والبذل والتعب والشقاء والمتابعة والإرهاق. كل ذلك لخدمة وطنه بل لخدمة العالم أجمع، وذلك بما أعطاه الله من خبرة شهد بها خبراء العالم. وشهد بها ما قدمه لوطنه على مدى أربعة عقود. ولكن كانت العقبات في استمرار هذا المشروع أكبر بكثير من أن يتحمله إنسان، حتى توقف.
تنقسم حياة المهندس عمر حمشو إلى مرحلتين: المرحلة الأولى من حياته كانت عبارة عن موهبة وذكاء ونشاط وحركة ولكن بلا هدف، بل فيها الكثير من الفوضى، حيث كان يتغيب عن المدرسة وبدون علم أهله حتى فصلوه في الصف الثامن فرسب في صفه، وكانت رغبته ترك المدرسة… وأعادوه أهله مجبراً حيث أن هذه الطاقة، والقدرة الكامنة كانت ضائعة وغير منضبطة حتى سموه بالحي بالجني من كثرة حركاته ومن كثرة الأمور التي كان يفاجئهم بها. أما في المرحلة الثانية من حياته وهي المرحلة التي سمي فيها عمر حمشو بالعبقري والمخترع وو..الخ. وهي من بداية الصف الحادي عشر ثانوي حيث أراد وقتئذ أن يترك المدرسة بشكل نهائي فسخّر الله من يردّه إلى جادة الصواب ويقول: كنت وقتها دائما ً أدعوا ربي في سرّي وعلني (اللهم دلني على من يدلني عليك) فسكن في بيتنا كما يقول رجل فاضل من دمشق وهو الذي عرَّفني على الرجل الذي صار أستاذي المربي.. وهو الرجل الذي غيّر مجرى حياتي.