ما إن يشتد الحر، وتشرف المدارس على إغلاق أبوابها حتى تجد الآباء والأمهات يخططون للوجهة التي يولون وجوههم إليها لقضاء عطلة الصيف. فكيف نجعل هذه ط§ظ„ط¹ط§ط¯ط© عبادة نتقرب بها إلى المولى عز وجل ؟ وكيف نطمح أن تكون ط§ظ„ط³ظٹط§طط© في مجتمعاتنا الإسلامية ؟.
السياحة لغة هي السير والانتقال من مكان إلى آخر، يقال ساح فلان في الأرض يسيح سياحة وسيوحا وسيحانا. يقول الإمام القرطبي: «أن مادة ط§ظ„ط³ظٹط§طط© تدل على أن أصلها الذهاب على وجه الأرض كما يسيح الماء.»
وقد وردت كلمة سياحة في القرآن في ثلاثة مواضع : جاءت في سورة التوبة في قوله تعالى: «السائحون الراكعون»112 وفي قوله عز وجل: « فسيحوا في الأرض أربعة أشهر» التوبة:2 كما ذكرت في سورة التحريم في قوله عز وجل: «عابدات سائحات» الآية:5 إلا أن العلماء أجمعوا على أن المقصود بها هنا الصوم، لما روي عن عبيد بن عمر رضي الله عنه قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السائحين فقال:هم الصائمون.» رواه بن جرير رحمه الله11/12 وقيل هي الجهاد.
إلا أن ط§ظ„ط³ظٹط§طط© بمفهومها اللغوي حث عليها المولى الكريم في آيات أخرى لم يذكر فيها لفظ سياحة فقد قال عز من قائل: «أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الدين من قبلهم ولدار الآخرة خير ﻠﻠذين اتقوا أفلا تعقلون» سورة يوسف: الآية:109 وقال عز وجل: «قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين» سورة: الأنعام: الآية:11. هنا الله عز وجل يدعو عباده للسياحة في الأرض قصد الاعتبار بمصير الأقوام السابقة، لما في ذلك من تقوية العزائم والاقتلاع عن الذنوب والمعاصي التي بسببها أهلكوا. وتعد ھذه سياحة تأمل واعتبار. كما رغب الباري عز وجل في نوع آخر من أنواع ط§ظ„ط³ظٹط§طط© ألا وهو ط§ظ„ط³ظٹط§طط© الجغرافية أو الفلكية إن صح التعبير فقد قال تعالى: «قل انظروا ماﺫا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون» إذ ط§ظ„ط³ظٹط§طط© قصد البحث والتنقيب عن أسرار الكون ومكنوناته من الأمور المستحبة لما تحقق من الاكتشافات، وترقى بالأمة في مراقي العلم والازدهار.
وهناك أنواع أخرى من أنواع السياحة، كالسياحة العلمية التي بين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فضلها بقوله «من سلك طريقا يلتمس به علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة». والسياحة الثقافية لمشاهدة المعالم والمآثر التاريخية والحضارية، والسياحة الإيمانية الفكرية كزيارة الأماكن المقدسة، والسياحة العلاجية قصد الاستشفاء، وسياحة الترفيه والترويح عن النفس لأن القلوب تمل فساعة ساعة أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد بين الإمام الشافعي رضي الله عنه فوائد ط§ظ„ط³ظٹط§طط© بجميع أنواعها فقال: «إن في الأسفار خمس فوائد هي:تفريج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب وصحبة ماجد».
فالسياحة إذن محطة مهمة للاستفادة من ثقافة الأمم الأخرى، ومن حضاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم… كما أنها مناسبة للتعريف بحضارتنا الإسلامية، والدعوة إلى ديننا الحنيف.
لقد كانت بيعة العقبة وكما لا يخفى على مسلم في موسم الحج حين كان الحجاج يأتون من المدينة إلى مكة في سياحة إيمانية لأداء مناسك الحج. وقد استثمر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ھذه ط§ظ„ط³ظٹط§طط© لإرساء أسس الدعوة إلى الله.
وفي ذلك عبرة لكل متهمم بأمر الله يسعى إلى إعلاء كلمة الله في الأرض. فإن كانت ط§ظ„ط³ظٹط§طط© الإيمانية استثمرت لدعوة الله فما بالك بالسياحة الترفيهية أليس من الأجدر أن تكون مناسبة لإبراز المميزات الخاصة بالحضارة الإسلامية، والإرث التاريخي والثقافي، ليجعل من البلدان الإسلامية وجهة سياحية متميزة، بدل التقليد الأعمى الذي يجعل منها نسخة للدول الغربية، تحل فيها ما حرم الله من خمر وزنا وقمار…بدعوى الانفتاح طمعا في سياحة مزدهرة. ووالله لن تزدهر سياحتنا أبدا ما دمنا نستقبل زوارنا بلافتات عليها صور فتيات شبه عاريات يقلن هيت لك، وصور فنادق من خمس نجوم تستطيع تقديم الخمر كما يقدم المسلمون الشاي. فليس بالحانات والفتيات الجميلات، والرقص الماجن، والمهرجانات التافهة، نبرز ثقافتنا الإسلامية. وإن الثقافة الإسلامية أعز وأجل من أن تخاطب ملذات الجسد والهوى فقط. فكما وهب الله الإنسان الجسد وهبه العقل والروح؛ والثقافة التي لا تلبي حاجيات ھذه المكونات الثلاث ليست ثقافة. ونحن أمة أعزها الله بالقرآن فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.
فلتكن سياحتنا هادفة ومتميزة نابعة من ديننا الحنيف ومن تعاليم القرآن الكريم، فمن هان عليه دينه هان على الله. أعادني الله وإياكم من الذلة والهوان، وأعز الله أمتنا الإسلامية،آمين آمين والحمد لله رب العالمين.
منقول
hgsdhpm fdk hguh]m ,hgufh]m hgyhdm