تخطى إلى المحتوى

[ البيت السعيد ]

البيت ط§ظ„ط³ط¹ظٹط¯
وخلاف الزوجين
بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة الأولى
((البيت ط§ظ„ط³ط¹ظٹط¯ ))

الحمد للّه الذي هدانا للإسلام ، وجعلنا من أهله وما كنا لِنهتَدِي لولا أن هدانا اللّه ، أحمده سبحانه وأشكره على نعمه ، وأسأله المزيد من فضله وكرمه ،

أما بعد:

فكثير من الناس يطلب السعادة ، ويلتمس الراحة وينشد الاستقرار وهدوء النفس والبال, كما يسعى في البعد عن أسباب الشقاء والاضطراب ، ومثيرات القلق ، ولا سيما في البيوتات والأسر .

وليعلم أن كل ذلك لا يتحقق إلا : بالإيمان باللّه وحده ، والتوكل عليه ، وتفويض الأمور إليه ، مع الأخذ بما وضعه من سنن وشرعه من أسباب .

أهمية بناء الأسرة والألفة في بيت الزوجية :
وإن من أعظم ما يؤثر في ذلك على الفرد وعلى الجماعة : بناء الأسرة واستقامتها على الحق ؛ فاللّه سبحانه بحكمته جعلها المأوى الكريم الذي هيأه للبشر من ذكر وأنثى . . يستقر فيه ويسكن إليه ، يقول- جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه- ممتنا على عباده : الشروق وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ الشروق نعم ، ليسكن إليها ، ولم يقل ليسكن معها ، مما يؤكد معنى الاستقرار في السلوك والهدوء في الشعور ، ويحقق الراحة والطمأنينة بأسمى معانيها ؛ فكلّ من الزوجين يجد في صاحبه الهدوء عند القلق ، والبشاشة عند الضيق .

إن أساس العلاقة الزوجية : الصحبة والاقتران القائمان على الودّ والأنس والتآلف . إنَّ هذه العلاقة عميقة الجذور بعيدة الآَماد ، إنها أشبه ما تكون صلة للمرء بنفسه ، بينها كتاب ربنِّا بقوله : الشروق هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ الشروق

فضلًا عما تُهَيِّئه هذه العلاقة من تربية البنين والبنات وكفالة النشء . . التي لا تكون إلا في ظلِّ أمومة حانية وأبوُّةٍ كادحة . .

وأيُّ بيئةٍ أزكى من هذا الجو الأسري الكريم ؟ .
هناك أمور كثيرة يقوم عليها بناء الأسرة المسلمة وتتوطَّد فيها العلاقة الزوجية ، وتبتعد فيها عن رياح التفكك ، وأعاصير الانفصام والتصرم : –
(1) الإيمان باللّه وتقواه :
وأول هذه الأمور وأهمها : التمسك بعروة الإيمان الوثقى . . الإيمان باللّه واليوم الآخر ، والخوف من المطَّلع على ما تكنُهّ الضمائر ، ولزوم التقوى والمراقبة ، والبعد عن الظلم والتعسُّف في طلب الحق . الشروق ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ الشروق

ويقّوي هذا الإيمان : الاجتهاد في الطاعة والعبادة والحرص عليها والتواصي بها بين الزوجين ، تأمَّلوا قوله- صلى الله عليه وسلم : الشروق رِحم اللّه رجلًا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلّت ، فإن أبت نضح في وجهها الماء – يعني : رشَّ عليها الماء رشَّا رفيقًا- ورحم اللّه امرأةً قامت من الليل فصلَّت وأيقظت زوجها فصلى ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء الشروقــ1

إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية مادية ، ولا شهوانية بهيمية ، إنها علاقة روحية كريمة ، وحينما تَصِحُّ هذه العلاقة وتَصْدُق هذه الصفة ، فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات : الشروق جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ الشروق

………………………………………….. …………….

1ـ حديث صحيح : رواه أحمد في "المسند" ـ وأبو داود ـ والنسائي ــ وابن ماجه،، وصححه ابن خزيمة ،،والحاكم ـ ووافقه الذهبي .


F hgfdj hgsud] (1) D hgfpj

البيت السعيد (2) ] (2) المعاشرة بالمعروف :
إن مما يحفظ هذه العلاقة ويحافظ عليها . . المعاشرة بالمعروف ، ولا يتحقق ذلك إلا بمعرفة كل طرف ما له وما عليه . وإنَّ نُشْدَان الكمال في البيت وأهل البيت أمر متعذر ، والأمل في استكمال كل الصفات فيهم أو في غيرهم شيء بعيد المنال في الطبع البشري .

دور الزوج في الحفاظ على بيت الزوجية والمعاشرة بالمعروف :
ومن رجاحة العقل ونضج التفكير توطين النفس على قبول بعض المضايقات ، والغض عن بعض المنغصات ، والرجل- وهو رب الأسرة- مطالب بتصبير نفسه أكثر من المرأة ، وقد علم أنها ضعيفة في خَلْقها وخُلُقها ، إذا حوسبت على كل شيء عجزت عن كل شيء ، والمبالغة في تقويمها يقود إلى كسرها وكسرها طلاقُها ، يقول المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى- صلى الله عليه وسلم : الشروق واستوصُوا بالنساء خيرًا فإنهن خُلِقْنَ من ضلع ، وإنَّ أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرًا الشروق(1) فالاعوجاج في المرأة من أصل الخلْقة فلا بد من مسايرته والصبر عليه .

فعلى الرجل ألا يسترسل مع ما قد يظهر من مشاعر الضيق من أهله وليصرف النظر عن بعض جوانب النقص فيهم ، وعليه أن يتذكَّر لجوانب الخير فيهم وإنه لواجد في ذلك شيئًا كثيرًا .

وفي مثل هذا يقول الرسول ، صلى الله عليه وسلم : الشروق لا يفْرَك مؤمنٌ مؤمنةً- أي : لا يُبغض ولا يكْره- إن كره منها خلقًا رضي منها آخر الشروق (2) وليتأنَّ في ذلك كثيرًا فلَئِن رأى بعض ما يكره فهو لا يدري أين أسباب الخير وموارد الصلاح .

يقول- عَزَّ من قائل- : الشروق وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا الشروق

وكيف تكون الراحة ؟ وأين السَّكَن والمودة ؟ إذا كان رَبُّ البيت ثقيل الطبع ، سيئ العشرة ضيّق الأفق ، يغلبه حمق ، ويعميه تعجُّل ، بطيء في الرضى ، سريع في الغضب ، إذا دخل فكثير المنّ ، وإذا خرج فسيئ الظن . وقد عُلم أنَّ حسن العشرة وأسباب السعادة لا تكون إلا في اللين والبعد عن الظنون والأوهام التي لا أساس لها ، إن الغيرة قد تذهب ببعض الناس إلى سوء ظنّ . . يحمله على تأويل الكلام والشك في التصرفات ، مما ينغص العيش ويقلق البال من غير مستند صحيح .

الشروق وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ الشروق كيف وقد قال ، صلى الله عليه وسلم
: الشروق خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي الشروق(3)
دور الزوجة في الحفاظ على بيت الزوجية والمعاشرة بالمعروف :
أما المرأة المسلمة : فلتعلم أن السعادة والمودة والرحمة لا تتم إلا حين تكون ذاتَ عفةٍ ودين ، تعرف ما لها فلا تتجاوزه ولا تتعداه ، تستجيب لزوجها ؛ فهو الذي له القوامة عليها يصونها ويحفظها وينفق عليها ؟ فتجب طاعته وحفظه في نفسها وماله ، تتقن عملها وتقوم به وتعتني بنفسها وبيتها ، فهي زوجة صالحة وأم شفيقة ، راعيةٌ في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، تعترف بجميل زوجها ولا تتنكر للفضل والعشرة الحسنة . يحذِّرُ النبي- صلى الله عليه وسلم – من هذا التنكر ويقول : { أريتُ النار فإذا أكثر أهلها النساء ، يكفرن قيل : أيكفرن باللّه ؟ قال : لا . يكفرن العشير ؛ لو أحسنتَ لإحداهنَّ الدهرَ ثم رأت منكَ شيئً
ا قالت : ما رأيت منك خيرًا قط } (4) فلا بد من الفغرآن الزلاَت والغض عن الهَفَوات . . لا تسيء إليه إذا حضر ولا تخونه إذا غاب .

بهذا يحصل التراضي وتدوم العُشرْة ويسود الإلف والمودة والرحمة .
و { أيّما امرأةٍ ماتتْ زوجُها عنها راضٍ دَخَلت الجنة}(5).

فاتَّقوا اللّه يا أمّة الإسلام- واعلموا أنه بحصول الوئام تتوفَّر السعادة ، ويتهيأ الجو الصالح للتربية ، وتنشأ الناشئة في بيتٍ كريمٍ مليء بالمودة عامر بالتفاهم . . بين حنان الأمومة وحدب الأبوة . . بعيدًا عن صخب المنازعات والاختلاف ، وتطاول كل واحد على الآخر ، فلا شقاق ولا نزاع ولا إساءة إلى قريب أو بعيد .
{ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
………………………………………….. ………………
1ـ رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما0
2ـ رواه مسلم في صحيحه 0
3ـ حديث صحيح رواه الترميذي ـ ابن ماجه وابن حبان في صحيحه 0
4ـ أخرجه البخاري في صحيحه 0
5ـ رواه الترميذي ـ وحسنه ابن ماجه والحاكم وقال صحيح الإسناد
……………………………
( فائدة ) : قال الحافظ ابن حجرــــ رحمه الله ـ ما حاصله : في هذا إيما التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه فيستمر على عوجه ، وضابط هذا ـــ أن لا يتركها علي الإعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بِمُباشرتها ، أو ترك واجب ، ويتركها على إعوجاجها في الأُمور المبارحة 0 " فتح الباري " 9/ 452 0

جزاك الله خيرا أختي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.