المؤمن ط§ظ„طµط§ظ„ط إيجابي وفاعل ينفع الناس
الحمد لله أن جعل أبواب الخير لا تُحصى، وعلى أن ألّف قلوبنا، وعلى أن جعل كل ما ينفع الناس أو يعمر الأرض باباً من أبواب الصدقة.
والصلاة والسلام على نبيه الذي وهب حياته لأمته، فكان غيثا أحيا الله به الناس بعد موت، وهداهم به بعد ضلال، وعلى آله وأصحابه مصابيح الهدى الذين كانوا حيثما حلوا نفعوا، وعلى كل من اتبع هداه.
المؤمن الصالح:
أن تكون مؤمنا صالحا فهذا يعني أن تكون إيجابيا وفاعلا ونافعا، وكلما أحببت أن تتقرب إلى الله وتتعرض لرحمته فستجد في نفعك لغيرك وإيجابيتك في شتى نواحي الحياة طريقاً معبدا لذلك، فالإسلام يؤصل معنى سام ورفيع لم يستطع أي قانون أن يؤصله أو يزرعه في نفوس الناس، معنى حب الخير والإيجابية في الحياة والنفع لعباد الله، حتى أصبحت هذه الخصال مجالاً خصباً للتنافس بين المسلمين في التقرب إلى الله ورجاء مغفرته ولطفه ورضوانه.
الإيجابية عند المسلم:
المسلم شخص تمتد منافعه إلى أمته كلها، لا شخص يريد أن يحصر منافع أمته في نفسه وحدودها الضيقة..
شخص يمد يد العون كلما استطاع ذلك أو أتيحت له فرصة، لا شخص يبقي يده ممدودة ليأخذ ولا يعطي.
شخص يُصرُّ على أن يفيد كما يستفيد، وأن ينفع كما ينتفع، وأن يكون في عون الناس كما يحب أن يكونوا هم في عونه، حتى قال الله سبحانه عن نبيه زكريا عليه الصلاة والسلام وهو يمدحه ( فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا ) فقدّم المسارعة إلى الخير على الدعاء والالتجاء إليه سبحانه.
أنسيت ما كنت فيه يا ابن عباس؟!
جاء في الحديث الصحيح أن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كان معتكفا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فسلم عليه ثم جلس فقال له ابن عباس يا فلان أراك مكتئبا حزينا؟ قال نعم يابن عم رسول الله لفلان حق ولاء وحرمة صاحب هذا القبر ما أقدر عليه (ومعنى حق ولاء أنه كان عبدا فأعتقه سيده ـ نظير مال يأخذه منه ) قال ابن عباس أفلا أكلمه فيك؟
قال إن أحببت . قال فانتعل ابن عباس ثم خرج من المسجد فقال له الرجل: أنسيت ما كنت فيه؟ (يريد أن يذكره أنه كان معتكفا ) قال : لا ولكني سمعت صاحب هذا القبر (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) والعهد به قريب ـ ودمعت عيناه ـ يقول: من مشى في حاجة أخيه وبلغ منها كان خيرا له من اعتكاف عشر سنين ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق أبعد مما بين الخافقين. وفي رواية: كل خندق أبعد مما بين الخافقين.
عجبا.. كيف كانوا يفهمون الدين والتدين وكيف أصبحنا نحن نفهمه!! يترك اعتكافه ليكلم رجلا في إسقاط حقه عن رجل، وهو يرى أن ثواب هذا أعلى بكثير من الاعتكاف! ويستشهد على ذلك بكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وما أشك أن هذه الحادثة لو حدثت مع أي إنسان متدين اليوم لما فكّر لحظة واحدة أن يقطع اعتكافه أو قراءته أو تسبيحه ليقوم بعمل إيجابي أو خدمة إنسانية.
يتثاقل أحدنا عن أن يعين أخاه أو يقدم خيرا في أي اتجاه، ولا يتحرج في أحسن أحواله أن يتذرع بتوافه الأمور، ويغر نفسه أنه مشغول بالتزامه ودروسه وتدينه، ناسيا أن الإيجابية في الحياة بكل أشكالها هي باب عظيم من أبواب التدين والالتزام، وليست عملا دنيويا أو لهوا لا ثواب فيه.
كلكم خير منه:
جاء في الحديث أن ناسا من أصحاب رسول الله قدموا يثنون على صاحب لهم خيرًا قالوا ما رأينا مثل فلان قط ما كان في مسير إلا كان في قراءة ولا نزلنا منزلا إلا كان في صلاة، قال: فمن كان يكفيه ضيعته ( أرضه ) حتى ذكر من كان يعلف جمله أو دابته؟ قالوا نحن، قال فكلكم خير منه.
وفي الصحيحين عن أنس قال: كنا مع النبي في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر، قال فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده قال فسقط الصوام وقام المفطرون وضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله: ذهب المفطرون اليوم بالأجر.
باب كبير:
ولو أردنا أن نسرد كل ما يحث المسلم على أن يكون إيجابيا في حياته، نافعا لأمته ولمن حوله، من الأدلة الشرعية لخرج الأمر عن أن يكون مقالا أو كلمة موجزة.
وليس الأمر مقتصرا على مجال أو طريقة أو أسلوب بعينه، بل إن الإيجابية والنفع بكل وسائله وطرقه باب من أبواب الصدقة.
صدقات يومية:
عن أبي هريرة ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل سلامي من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس : تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته ، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
من أسباب المغفرة:
جاء في صحيح البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم: بينما رجل يمشي في الطريق إذ وجد غصن شوك فأخره (أزاحه عن الطريق) فشكر الله له فغفر له.
وفي حديث آخر أن رجلا كان يداين الناس فكان ينظر الموسر ويتجاوز عن المعسر فتجاوز الله عنه يوم القيامة.
بل امتد ثواب النفع في ديننا أن يغفر الله لرجل سقى كلبا قد عطش، وأن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: في كل كبد رطبة صدقة، وشملت الإيجابية في ديننا حتى البسمة وحتى كلمة الخير والمواساة.
الإيجابية درجات:
الإيجابية درجات تتفاوت، وقد يكون أعلاها محتاجا لقوة إرادة مع قوة إيمان، فليس كل الناس يستطيع أن يبذل ماله، ولا كل الناس يتحمس أن يصرف وقته وصحته ويشغل نفسه لأجل غيره، ولهذا قال المتنبي:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ………….. الجــود يفقــر والإقـدام قتــال
لكن هناك حدا أدنى للإيجابية يستطيعه كل الناس، بسمة في وجه أخيك، تعين من تلقاه في الطريق، إذا ذكر أخوك فاذكره بالخير الذي فيه، لا تكن ثغرة أو سدا يقف أمام أي عمل خير، أزح ما تجده أمامك من أذى في الطريق، ساعد بكلمة طيبة، افعل ما لا تجد فيه صعوبة أو مشقة لكنه يؤدي لنتيجة طيبة، أو يمنع نتيجة سيئة.
خاتمة
المسلم كالغيث حيثما حل نفع، فهو كما قال الشاعر:
لله قوم إذا حلوا بمنزلة، حل السرورُ وسار الجودُ إن ساروا ، تحيا بهم كلُ أرضٍ ينزلون بها
كأنهم لبقاع الأرض أمطارُ، ونورهم يهتدي الساري لرؤيته، كأنهم في ظلام الليل أقمارُ
وتشتهي العين منهم منظرًا حسنًا، كأنهم في عيون الناس أزهارُ.
Yd[hfdm hglclk hgwhgp hggcgc
جزاكي الله خيرا اختي